320

** القول في تأويل قوله تعالى :

* (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة)

* خاسئين) (65)

( ولقد علمتم الذين اعتدوا ) أي تعمدوا العدوان ( منكم في السبت ) بأن استحلوه وتحيلوا على اصطياد الحيتان فيه. وذلك أن الله ابتلاهم ، فما كان يبقى حوت في البحر إلا أخرج خرطومه يوم السبت ، فإذا مضى تفرقت كما قال : ( تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ، ويوم لا يسبتون لا تأتيهم ، كذلك نبلوهم ) [الأعراف : 163] ، فحفروا حياضا عند البحر ، وشرعوا إليها الجداول ، فكانت الحيتان تدخلها فيصطادونها يوم الأحد. فذلك الحبس في الحياض هو اعتداؤهم. فتسبب عن اعتدائهم المذكور ما ذكره تعالى بقوله ( فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) أي صاغرين مطرودين مبعدين من الخير ، أذلاء. وقد روي عن الضحاك وقتادة : أنهم مسخوا قردة ، لها أذناب تعاوى ، بعد ما كانوا رجالا ونساء. وأما مجاهد فقال : مسخت قلوبهم ولم يمسخوا قردة. وإنما هو مثل ضربه الله لهم كمثل الحمار يحمل أسفارا. رواه ابن جرير. وهكذا قال القاشاني : ( كونوا قردة ) أي مشابهين الناس في الصورة وليسوا بهم. ثم قال : والمسخ بالحقيقة حق غير منكر في الدنيا والآخرة. روردت به الآيات والأحاديث. وفي أثر : عد المسوخ ثلاثة عشر ، وبيان أعمالهم ومعاصيهم وموجبات مسخهم. والحاصل أن من غلب عليه وصف من أوصاف الحيوانات ، ورسخ فيه بحيث زال استعداده ، وتمكن في طبعه ، وصار صورة ذاتية له ، صار طبعه طبع ذلك الحيوان. ونفسه نفسه ، فصارت صفته صورته.

وهذه القصة مبسوطة في سورة الأعراف حيث يقول تعالى : ( وسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون ) [الأعراف : 163].

** القول في تأويل قوله تعالى :

( فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين ) (66)

( فجعلناها ) أي المسخة والعقوبة ( نكالا ) عبرة تنكل المعتبر بها ، أي تمنعه وتردعه. ومنه النكل للقيد ( لما بين يديها ) من المعاصي من أهل عالمها

صفحہ 323