وإضلال المنهمكين في الغواية. وقدم الإضلال على الهداية مع تقدم حال المهتدين على حال الضالين فيما قبله ، ليكون أول ما يقرع أسماعهم من الجواب أمرا فظيعا يسوؤهم ، ويفت في أعضادهم ، وهو السر في تخصيص هذه الفائدة بالذكر ( وما يضل به ) أي بالمثل أو بضربه ( إلا الفاسقين ) تكملة للجواب والرد ، وزيادة تعيين لمن أريد إضلالهم ، ببيان صفاتهم القبيحة المستتبعة له.
** القول في تأويل قوله تعالى :
* (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل)
* ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون) (27)
( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ) صفة للفاسقين ، للذم. و (العهد) الذي وصفوا بنقضه : هو وصية الله إلى خلقه ، وأمره إياهم بما أمرهم به من طاعته ، ونهيه إياهم عما نهاهم عنه من معصيته في كتبه ، وعلى لسان رسله ونقضهم ذلك هو تركهم العمل به ( ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ) عام في كل قطيعة لا يرضاها الله تعالى : كقطع الرحم ، والإعراض عن موالاة المؤمنين ، والتفرقة بين الأنبياء عليهم السلام والكتب في التصديق ، وسائر ما فيه رفض خير أو تعاطي شر ، فإنه يقطع ما بين الله تعالى وبين العبد من الوصلة التي هي المقصودة بالذات من كل وصل وفصل ( ويفسدون في الأرض ) بالمنع عن الإيمان ، والاستهزاء بالحق ، وقطع الوصل التي بها نظام العالم وصلاحه ( أولئك هم الخاسرون ) لأنهم استبدلوا النقض بالوفاء ، والقطع بالوصل ، والفساد بالصلاح ، وعقابها بثوابها. وهذه الصفات المسوقة في الآية صفات الكفار المباينة لصفات المؤمنين ، كما قال تعالى في سورة الرعد : ( أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى ، إنما يتذكر أولوا الألباب الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ) [الرعد : 19 20 21] الآيات إلى أن قال : ( والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) [الرعد : 25]
** القول في تأويل قوله تعالى :
* (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم)
* يحييكم ثم إليه ترجعون) (28)
صفحہ 280