محاسن التأويل
محاسن التأويل
اصناف
[المائدة : 3] وهو يريد بإنزال القرآن.
فالسنة إذا ، في حصول الأمر ، بيان لما فيه. وذلك معنى كونها راجعة إليه. وأيضا فالاستقراء التام دل على ذلك. حسبما يذكر بعد ، بحول الله. وقد تقدم في أول كتاب الأدلة أن السنة راجعة إلى الكتاب وإلا وجب التوقف عن قبولها. وهو أصل كاف في هذا المقام. فإن قيل هذا غير صحيح من أوجه : أحدها أن الله تعالى قال : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) [النساء : 65] الآية. والآية نزلت في قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير بالسقي قبل الأنصاري من شراج الحرة. الحديث (1) مذكور في الموطأ ، وذلك ليس في كتاب الله تعالى. ثم جاء في عدم الرضى به من الوعيد ما جاء. وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) [النساء : 59] والرد إلى الله هو الرد إلى الكتاب ، والرد إلى الرسول هو الرد إلى سنته ، بعد موته. وقال : ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا ) [المائدة : 92] وسائر ما قرن فيه طاعة الرسول بطاعة الله ، فهو دال على أن طاعة الله ما أمر به ونهى عنه في كتابه. وطاعة الرسول ما أمر به ونهى عنه مما جاء به مما ليس في القرآن. إذ لو كان في القرآن لكان من طاعة الله. وقال : ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة ) [النور : 63] الآية ، فقد اختص الرسول عليه السلام بشيء يطاع فيه ، وذلك السنة التي لم تأت في القرآن. وقال : ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) [النساء : 80] ، وقال : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) [الحشر : 7]. وأدلة القرآن تدل على أن كل ما جاء به الرسول وكل ما أمر به ونهى فهو لاحق في الحكم بما جاء في القرآن ، فلا بد أن يكون زائدا عليه.
والثاني : الأحاديث الدالة على ذم ترك السنة واتباع الكتاب ، إذ لو كان ما في السنة موجودا في الكتاب ، لما كانت السنة متروكة على حال. كما روي أنه عليه
صفحہ 109