محاسن اور مسائی
المحاسن والمساوئ
وقيل لطرفة: ما السرور؟ قال: مطعم شهي ومركب وطِيّ وملبس دفيّ. وقيل للأعشى: ما السرور؟ فقال: صهباء صافية تمزجها غانية بصوب غادية. وقيل لملك: ما السرور؟ فقال: حمىً ترعاه وعدوّ تنعاه. وقيل لراهب: ما السرور؟ قال: الأمان من الوجل إذا انقضت مدة الأجل. وقيل لبعضهم: ما السرور؟ قال: زوجة وسيمة ونعمة جسيمة. وقيل لمغنّ: ما السرور؟ قال: مجلس يقلّ هذره وعودٌ يصفو وتره وعقول تفهم ما أقول. وقيل لمظلوم: ما السرور؟ قال: كفاية ووطن وسلامة وسكن. وقيل لورّاق: ما السرور؟ قال: جلود وأوراق وحبر برّاق وقلم مشّاق. وقيل لبعضهم: ما السرور؟ قال: بنون أغيظ بهم أعدائي ولا تقرع معهم صفائي.
وقيل: لفتاة: ما السرور؟ فقالت؟ زوج يملأ قلبي جلالًا وعيني جمالًا وفنائي جِمالًا. وقيل لطفيلي: ما السرور؟ فقال: ندامى تسكن صدورهم وتغلي قدورهم ولا تُغلق دورهم. وقيل لقانص: ما السرور؟ فقال: قوس مأطورة وشرعة مشزورة ونبال مطرورة. وقيل لمحبوس: ما السرور؟ فقال: فكاك يفجأ وإطلاق لا يرزأ. وقيل للوطي: ما السرور؟ فقال: شخص ناضر ودرهم حاضر. وقيل لعاشق: ما السرور؟ فقال: لقية تشفي من الفرقة واعتناق يداوي من الحرقة.
وكان يقال إنه حكي عن الحكماء أن لذة الثوب يومًا ولذة المركب جمعة ولذة المرأة شهرًا ولذة الضيعة سنة ولذة الدار الأبد.
الشعر في هذا الفن
أطيب الطيبات قتل الأعادي ... واحتفالٌ على متون الجياد
وأيادٍ تحبو بهنّ كريمًا ... إن عند الكريم تزكو الأيادي
ورسولٌ يأتي بوعد حبيبٍ ... وحبيبٌ يأتي على ميعاد
وللخليع:
أطيب الطيبات أمرٌ ونهيٌ ... لا يُردّان في الأمور الجسام
وامتطاء الخيول في كنف الأم ... ن بغير الإقدام والإحجام
وسماع الصهيل في لجب المو ... كب تحت اللواء والأعلام
الموصلي:
أطيب الطيبات طيب الزمان ... وندام المنعمات الغواني
واحتساء العقار في غرة الصب ... ح على شدو ماهرات القيان
وأمانٌ من الهموم ومالٌ ... ليس تفنيه نائبات الزمان
محاسن الفقر
روي في الحديث أن الفقير الصبور يدخل الجنة قبل الغني الشكور بأربعين عامًا.
وروي عن أبي الدرداء أنه قال: لأن أموت وعليّ أربعة آلاف درهم أنوي قضاءها أحبّ إلي من أن أترك مثلها حلالًا.
وقال سلمان الفارسي: قد خشيت أن أكون قد تركت عهد رسول الله، ﷺ، قيل: ولم ذاك؟ قال: لأنه قال من أراد أن يدخل الجنة فلا يكون زاده من الدنيا إلا كزاد الراكب، وأنا قد جمعت ما ترون. فقوّموا ما عنده فبلغ ثمانية عشر درهمًا.
وكان يقال: من أصبح آمنًا في سربه معافىً في بدنه عنده قوت يومه فعلى الدنيا العفاء.
وروي عن النبي، ﷺ، أنه كان من دعائه: اللهم أحيني مسكينًا وأمتني مسكينًا واحشرني في زمرة الفقراء، اللهم اجعل رزق آل محمد كفافًا. فسأل بعضهم: ما الكفاف؟ فقال: جوع يوم وشبع يوم.
وروي أن عيسى بن مريم، ﵇، كان لا يأوي سقف بيت، فألجأه المطر ذات ليلة إلى غار، فدخله فإذا سبعٌ قد سبقه إليه، فكأن صدره ضاق فأوحى الله ﷿ إليه: يا عيسى ضاق صدرك فوعزتي لأزوجنّك أربعة آلاف حوراء ولأولمنّ عليك ألف عام.
قال: وكان الفضيل بن عياض يقول في دعائه: اللهم أجعتني وأجعت عيالي وتركتنا في ظلم الليل بلا مصباح وإنما تفعل هذا بأوليائك فبأي منزلةٍ نلت هذا منك يا رب؟
مساوئ الفقر
قيل: أمر الله ﷿ موسى، ﵇، فقال: ائت كورة كذا وكذا، فقال: يا رب إني قتلت منهم نفسًا وأنا خائف، فقال الله جل وعز: إني قد أمتّ أقرباءه. فصار إليها فأول ما استقبله قرابة للمقتول. فقال: يا رب هذا أخوه! قال: يا موسى إني جعلته فقيرًا والفقير ميت من العقل وعند الناس ميت وعند الحلال والحرام ميت والفقر الموت الأكبر.
وقيل: إنه إذا أيسر الفقير ابتُلي به ثلاثة: صديقه القديم يجفوه وامرأته يتزوج عليها وداره يهدمها ويبنيها.
1 / 128