سميرة :
الحب مرحلة إلى الفناء! (مهلة)
أمر آخر غريب. (من الآن فصاعدا ينظر «هو» إلى سميرة وجلا، زائغ البصر، مختلج النفس. يحرك يديه الحين بعد الحين في تهيج، ولكن التحريك ليس فيه غلو. وجهه إلى الجمهور وسميرة ظهرها إلى الجمهور بحيث لا يرى منها إلا التفاتات يديها وكتفيها. وأما الأبله فيظل طوال حديث المرأة مبهوتا كالمستفيق على كره من حلم لذيذ والقصبة في يده ماثلة ممدودة نحو فمه. يشاهد ما يجري وهو يتألم في صمت. كل ذلك حتى يسمع صوت الناي فتتبدل هيئات الأشخاص الثلاثة.)
سميرة (في هدوء، متممة حديثها) : ... وما غرابته؟ جرت الحوادث لي كما يجب أن تجري. أحببتك؟ فائتمنتك على ما تملكه يداي حتى أتى يوم قلت لي فيه: كفى! وأشرت على نحو ما أشرت الآن (تعيد اللفظة بالنبرة والإشارة مرتين كأن اللفظة شبح يلازم ذهنها) ... فانطلقت عنك إلى حيث تنطلق المرأة التي تريد أن تذل الرجال لأن واحدا منهم أذلها. (مهلة) (في سرعة)
وأتاني يوما فيمن كان يأتيني من الرجال الذين كنت ألهو بهم شاب صوته منحوت من صوتك، فطربت لحديثه وأنا لا أعلم السبب. وأردت أن أطرب فوق ما طربت (مهلة) (في تهيج)
أممنوع هذا؟ (في بطء)
فعلمته الكلمات التي كنت تنطق بها وأنت مائل علي ... ظل عريض مطروح على صورة ناصعة. وما كنت لأذكر أنها منك، لأن نفسي كانت شربتها فطوتها أضلعي، ونشرتها شفتا قلبي. وإذا الشاب يوما يلفظ تلك الكلمات في ذلك الصوت ... ذلك الصوت، وهو مائل علي. فإذا بك تتمثل لي دفعة، فكنت كالنار ترفع من بعيد للتائه المطمئن ... أنت أنت الذي أشربني تلك الكلمات، أنت الذي قال لي: كفى! بذلك الصوت (تشير على نحو ما كان أشار)
أنت منقاد لي مرة أخرى، وتظفر بي؟ ... فخنقته! («هو» يتراجع ويرفع يده كأنه يرد شبحا) (سميرة تواصل كلامها )
إن أمور القلب لا تنقضي إلا بالخنق! (مهلة)
منذ ذلك اليوم أشرقت نجاتي؛ إذ غاب الذي كان يحس من نفسي وانطفأ الذي كان يشتعل. والآن أعيش في الثلج ... ابعد (تلتفت إلى الأبله وتصيح)
نامعلوم صفحہ