============================================================
وأبصارهم ). قال الربيع: أي بأسماعهم وأبصارهم التي عاشوا بها في الناس؛ وقيل: ولو شاء لذهب بسمعهم وايصارهم، عقوبة لهم على نفاقهم وقال أهل القدر: ولو كان المراد بقوله (صم بكم عني) صما وبكما وعميا على الحفيقة دون التمثيل الذي هو التصامم والتعامي لماكان لقوله: (ولو شاء الله لذهب بسنعهم وأيصارهم) وجه.
الأسرار ان المفسرين وأهل المعاني قد أكثروا الأقوال في تقريب المثل الثاني بالممثل به، وحاولوا تطبيق كل لفظ على كل حالة من أحوال المنافقين، ولعمري يحث الاجتهاد في التقريب بأقصى ما يمكن بشرط أن لايخل بأصل آخر؛ وإذا حملوا الصيب النازل من السماء على القرآن أو على حملة الدين والإسلام وذلك هو الجامع لجملة الأقاويل، وفسروا الصيب بالمطر وأولوا بأن مثل المنافقين كمثل أصحاب مطر نزل من السماء، أو كأصحاب القرآن، فقد مثلوا المنافقين بالمؤمنين، والصواعق التي ذكرها الله تعالى في ذلك المطر بايات الوعيد، والظلمات فيها بأحوال الكفرة، وفي ذلك نوع تكلفي ينبو عنه الطبع، ولايناسبه اللفظ: فإن القرآن ودين الإسلام كله خير وبركة ونور وشفاء، والمطر الذي ضربه اله مثلا للمنافقين كله ظلمات ورعد وبرق؛ ولم يذكر فيه ظاهرا خيرا ما تطبيقا لذلك المثل على أحوال المنافقين. فالأولى والله أعلم أن يقال: إن التمثيل وقع لتقريب حال المنافقين بحال مطر فيه ظلمات ورعد وبرق. فإنه تعالى ذكر في المثل الأول تشبيههم بمن استوقد نارا، وذكر في المثل الثاني تشبيههم بأصحاب مطر لا خير فيه، بل كله ظلمات ورعد وبرق.
فالظلمات تماثل كفرهم وعنادهم بالقلوب، والرعد والبرق يمانل ما بأخذ بأسماعهم وأبصارهم من إبطال الباطل وتحقيق الحق قسرا عليهم وتشويشا لعقائدهم؛ وكأن كل حجة صاعقة من الصواعق تلزمهم السكوت في القول والسكون في الحركة، والموت أو القتل في الدنيا والعقوبة والنكال في الآخرة؛ وكذاك إحاطة الله بالكافرين.
وسر آخر: أن في كل مثل من أمثال القرآن وغيره 843 ب مقصودا بنحى بالمثل ليتهنل
صفحہ 265