The Keys to the Unseen
مفاتيح الغيب
ناشر
دار إحياء التراث العربي
ایڈیشن نمبر
الثالثة
اشاعت کا سال
١٤٢٠ هـ
پبلشر کا مقام
بيروت
اصناف
تفسیر
فهذا جملة الكلام في الصفات الحقيقية مع الإضافية.
الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الصِّفَاتِ الْإِضَافِيَّةِ مَعَ السَّلْبِيَّةِ
اعْلَمْ أَنَّ «الْأَوَّلَ» هُوَ الَّذِي يَكُونُ سَابِقًا عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا يَسْبِقُهُ غَيْرُهُ، فَكَوْنُهُ سَابِقًا عَلَى غَيْرِهِ إِضَافَةٌ، وَقَوْلُنَا إِنَّهُ لَا يَسْبِقُهُ غَيْرُهُ فَهُوَ سَلْبٌ، فَلَفْظُ «الْأَوَّلُ» يُفِيدُ حَالَةً مُتَرَكِّبَةً مِنْ إِضَافَةٍ وَسَلْبٍ، «وَالْآخِرُ» هُوَ الَّذِي يَبْقَى بَعْدَ غَيْرِهِ، وَلَا يَبْقَى بَعْدَهُ غَيْرُهُ، وَالْحَالُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ، أَمَّا لَفْظُ «الظَّاهِرُ» فَهُوَ إِضَافَةٌ مَحْضَةٌ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ كَوْنُهُ ظَاهِرًا بِحَسَبِ الدَّلَائِلِ، وَأَمَّا لَفْظُ «الْبَاطِنُ» فَهُوَ سَلْبٌ مَحْضٌ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ كَوْنُهُ خَفِيًّا بِحَسَبِ الْمَاهِيَّةِ.
وَمِنَ الْأَسْمَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى مَجْمُوعِ إِضَافَةٍ وَسَلْبٍ «الْقَيُّومُ» لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَدُلُّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَهَذِهِ الْمُبَالَغَةُ تَحْصُلُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ مُحْتَاجًا إِلَى شَيْءٍ سِوَاهُ الْبَتَّةَ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا إِذَا كَانَ وَاجِبَ الْوُجُودِ فِي ذَاتِهِ وَفِي جُمْلَةِ صِفَاتِهِ، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا سِوَاهُ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ فِي ذَوَاتِهَا وَفِي جُمْلَةِ صِفَاتِهَا، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مَبْدَأً لِكُلِّ مَا سِوَاهُ، فَالْأَوَّلُ سَلْبٌ، وَالثَّانِي إِضَافَةٌ وَمَجْمُوعُهُمَا هُوَ الْقَيُّومُ.
الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْأَسْمَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ الْحَقِيقِيَّةِ وَالْإِضَافِيَّةِ وَالسَّلْبِيَّةِ:
فَمِنْهَا قَوْلُنَا: «الْإِلَهُ» وَهَذَا الِاسْمُ يُفِيدُ الْكُلَّ، لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مَوْجُودًا، وَعَلَى كَيْفِيَّاتِ ذَلِكَ الْوُجُودِ، أَعْنِي كَوْنَهُ أَزَلِيًّا أَبَدِيًّا وَاجِبَ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ، وَعَلَى الصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَعَلَى الصِّفَاتِ الْإِضَافِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْإِيجَادِ وَالتَّكْوِينِ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ هَلْ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى؟ أَمَّا كُفَّارُ قُرَيْشٍ فَكَانُوا يُطْلِقُونَهُ فِي حَقِّ الْأَصْنَامِ، وَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ؟ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
إِنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَذْكَارِ: يَا إِلَهَ الْآلِهَةِ، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَأَمَّا قَوْلُنَا: «اللَّهُ» فَسَيَأْتِي بَيَانُ أَنَّهُ اسْمُ عَلَمٍ لِلَّهِ تَعَالَى، فَهَلْ يَدُلُّ هَذَا الِاسْمُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ؟ فَنَقُولُ: لَا شَكَّ أَنَّ أَسْمَاءَ الْأَعْلَامِ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْإِشَارَاتِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى لَوْ كَانَ بِحَيْثُ يَصِحُّ أَنْ يُشَارَ إِلَيْهِ لَكَانَ هَذَا الِاسْمُ قَائِمًا مَقَامَ تِلْكَ الْإِشَارَةِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْإِشَارَةَ إِلَى الذَّاتِ الْمَخْصُوصَةِ هَلْ تَتَنَاوَلُ الصِّفَاتِ الْقَائِمَةَ بِتِلْكَ الذَّاتِ؟ فَإِنْ قُلْنَا إِنَّهَا تَتَنَاوَلُ الصِّفَاتِ كان قولنا: «الله» دليلًا على جملة الصِّفَاتِ، فَإِنْ قَالُوا: الْإِشَارَةُ لَا تَتَنَاوَلُ الصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةَ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَدُلَّ عَلَيْهَا لَفْظُ اللَّهِ قُلْنَا: الْإِشَارَةُ فِي حَقِّ اللَّهِ إِشَارَةٌ عَقْلِيَّةٌ مُنَزَّهَةٌ عَنِ الْعَلَائِقِ الْحِسِّيَّةِ، وَالْإِشَارَةُ الْعَقْلِيَّةُ قَدْ تَتَنَاوَلُ السُّلُوبَ.
1 / 133