مدخل إلى العلاج النفسي الوجودي

عادل مصطفى d. 1450 AH
74

مدخل إلى العلاج النفسي الوجودي

مدخل إلى العلاج النفسي الوجودي

اصناف

الذي يضاعف وجع الحزن. غير أن هناك بعدا ثالثا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار؛ ذلك أن وفاة شخص قريب منا تجعلنا نواجه موتنا الشخصي. هذا بطبيعة الحال ما كان يعنيه جون دون

J. Donne

في أبياته الشهيرة:

ومن ثم إياك أن تبعث لتستخبر، لمن تقرع الأجراس؟

4

إنها تقرع لك. (دون، 1952م، ص332).

تختلف نغمة الحزن اختلافا كبيرا بحسب علاقتنا بالفقيد ودرجة قرابتنا له. فوفاة أحد الوالدين تواجهنا بهشاشتنا وقلة منعتنا؛ إذا كان والدانا لم ينقذا نفسيهما فمن ذا الذي ينقذنا؟ كأننا بوفاة الوالدين قد خلي بيننا وبين القبر، وصرنا نحن أنفسنا الحاجز المتبقي بين أولادنا وبين الموت.

أما وفاة الزوج أو الزوجة فيغلب أن تثير الخوف من العزلة الوجودية. فحين نفقد الرفيق الألصق بنا يزداد وعينا بأننا معشر البشر مهما حاولنا أن نتقارب وننصهر ونذرع الوجود مثنى مثنى، ستبقى هناك وحدة أساسية صميمية علينا أن نكابدها. يروي يالوم (1981م، ص168) عن واحد من مرضاه هذا الحلم الذي رآه في الليلة التي علم فيها أن زوجته مصابة بسرطان متأخر: «كنت أعيش في المنزل القديم، المنزل الذي أهل بالعائلة لثلاثة أجيال متتالية. كان هناك مسخ فرانكنشتيني يطاردني في أرجاء المنزل. كنت خائفا مرتاعا. كان المنزل متداعيا خربا، قرميده متفتت، وسقفه يرشح بالماء. الماء المرتشح غمر أمي (كانت والدة المريض قد توفيت قبل ستة أشهر). تعاركت مع المسخ. كان لدي عدد من الأسلحة، اخترت أحدها وهو مقوس النصل ذو مقبض، يشبه المنجل. شرطت المسخ بهذا السلاح ورميت به من السطح فهوى على الرصيف ممدا بلا حراك. لكنه ما لبث أن نهض مرة ثانية وعاد يطاردني خلال المنزل.»

كان أول تداعيات هذا الحلم في ذهن المريض: «أعرف أنني قد شارفت النهاية». من ذلك يتبين بوضوح أن موت زوجته الوشيك قد ذكره أن حياته هي أيضا فانية متناهية، وكذلك جسده (الذي يرمز له في الحلم بالمنزل المتداعي). وقد كان المريض في طفولته يراوده كثيرا هذا المسخ الذي عاد إليه في هذا الكابوس.

يتفنن الأطفال في التعامل مع قلق الموت. ومن أكثر طرائقهم شيوعا في هذا الشأن أن يجسدوا الموت فيصوروه كمخلوق متناه ... مسخ أو رمال

نامعلوم صفحہ