وفي تلك الأثناء كان الرهبان الشويريون الذين ابتنوا كنيسة النبي إلياس في قلب البلدة، قد سلموها للرهبنة المخلصية
25
وهي صغيرة جدا وابتنوا عوضها كنيسة القديس ميخائيل؛ لأن البناء كان قد تكاثر حولها؛ لازدياد المهاجرين من لبنان وبعلبك.
وفي سنة 1750م جاء كثير من اللبنانيين زحلة والبقاع وبعلبك وتوطنوها وبينهم بنو المعلوف ، فابتنى هؤلاء لهم بيوتا حول الدار الأسقفية، فسميت الحارة باسمهم؛ أي حارة المعالفة.
26
وفي هذه السنة تطاول المشايخ المناكرة على إقليم جزين وقتلوا اثنين من خدام الشيخ علي جنبلاط، فشق ذلك على حاكم لبنان الأمير ملحم الشهابي، فجمع عسكرا من لبنان بينه الزحليون وسار بهم إلى جباع الحلاوة، فهرب المتاولة من وجهه، فاستظهر عليهم وأحرق كثيرا من قرى جبل عامل وقتل منهم نحو ثلاثمائة، وقطع أشجارهم وأحرق بلاد الشقيف وبلاد بشارة، وفر بعضهم إلى مزار تحصنوا به فوجه إليهم كتيبة من الجيش بقيادة الأمير مراد اللمعي بعسكر المتن وزحلة والشيخ ميلان الخازن بعسكر كسروان، فظفروا بهم وأهلكوهم جميعا. ولما عاد إلى دير القمر منصورا، وزع غرامة على أهل بلاده تعويضا عما دفعه من الأموال السلطانية على كل رجل غرشا، فأبى الإقطاعيون ذلك فعدل عن مطلوبه مكرها، وأخذ يلقي الدسائس والفتن بينهم، ولا سيما بين الأمراء اللمعيين والمشايخ النكديين حتى تغلب عليهم لانقسام كلمتهم.
وفي تلك الأثناء ظلم الشيخ شاهين تلحوق في البقاع وقطع الطريق على المسافرين. فوجه سليمان باشا حاكم دمشق نائبه بعسكر لمناصبته ورفع تعديه. فدهم الشيخ شاهين في قرية تعنايل، فهرب وقتل من حاشيته ثلاثة رجال. فجمع الأمير ملحم عسكره وبينهم الزحليون ودهم النائب، فهزمه إلى دمشق وقتل عددا من عسكره. فأوغر ذلك صدر سليمان باشا، وتأهب للخروج إلى بلاد الشوف بعساكره اقتصاصا من الأمير ملحم، فتوسط الأمر مصطفى القواس والي صيداء، وجاء البقاع وأصلح بين الحاكمين ذات البين، على شرط أن يدفع ملحم لسليمان باشا خمسة وسبعين ألف غرش بدل نفقة عسكره، وأرسل الأمير ملحم أخاه الأمير عليا رهنا إلى مدينة صيداء، فوضع في خان الإفرنج خمسة أشهر، فوزع الأمير ملحم المال السلطاني على بلاده مضاعفا، وفك أخاه من الرهن فلحق الزحليين خسائر كثيرة.
وفيها صار ثلج عظيم كان في زحلة كثير الارتفاع، فسد طرقاتها واتصل إلى ساحل بيروت، حتى كان على المراكب ثلاثة أشبار وعقبه ضيق وجوع وغلاء.
وسنة 1751 كثر الخصام بين الأمير ملحم الشهابي حاكم لبنان والمشايخ النكديين، وتوسط أمرهم الأمير إسماعيل حاكم حاصبيا، فعادوا إلى المناصف بعد أن نزحوا من دير القمر إلى وادي التيم، وكان في البلاد قلق شديد اتصل بزحلة وضواحيها.
وسنة 1753م قتل الأمير إسماعيل اللمعي ابن عمه الأمير أسعد، فركب الأمير منصور الشهابي الحاكم إلى المتن وزحلة، وصادر القاتل وأتلف أبنيته وأغراسه، وضبط ما بقي من أملاكه، وبعد ذلك رضي عنه وأخذ منه عشرين ألف غرش وزعها على مقاطعته، فلحق زحلة قسم منها.
نامعلوم صفحہ