إذن المارك أصبح أكثر قوة من الدولار، وفي نفس الوقت كانت الجمارك الأمريكية تفرض ضريبة تلو الضريبة تحمي صناعتها «الوطنية» من صناعات اليابان وهي تغزوها في عقر دارها.
كان الإنسان القهري والإنسان الانفصالي قد انتصرا؛ ذلك أن الشعب المتجانس حتى في مرضه أو في صحته، أكثر إثارة للرعب، ومرعب أن تحيا هناك. في ألمانيا أو اليابان الغربة تطاردك وتطردك، غريب مع المتعالي هنا، غريب مع المنطوي المؤدب الشاعر بمركب النقص هناك؛ غير أن المدهش من هذا الصراع المجانيني هذا: هو أيهما يعمر أكثر؟
المريض بمركب النقص؟
أم المريض بمركب الكمال والسمو والتفوق؟
أنا شخصيا أعتقد أن الياباني سيكسب، ليس فقط لأن حالته أشد، وإنما لأن مركب النقص يزود الشخصية بقوة أبدية لا تشبع ولا ترتوي، ولا تؤمن مهما فعلت أنها أصبحت سيدة الآخرين أو أنها وصلت، أما الألمان فاعتقادي أنهم بالتوحيد إذا توحدوا، وبالانقسام إذا ظلوا هكذا فإنهم قادمون على كارثة لم يهيئوا أنفسهم لها أبدا، أن يبدأ العالم الذي احتقروه طويلا واحدا إثر الآخر يسبقهم، مشدوهين هم حيارى، يجدون أنفسهم مطالبين بأن يشكوا في شيء لم يكن ليقترب منه الشك مهما طغى: في تفوق العقل والطريقة والقدرة الألمانية.
لقد كانت ألمانيا بصناعاتها ومؤسساتها تبهرني وأرى فيها صورة الإعجاز الأوروبي الصناعي.
بعد زيارتي لليابان بدت ألمانيا كالقرية، فما يصنعه الأقزام السمر في ركن الدنيا الشرقي شيء هائل مخيف لن يصدقه العالم حتى بعد وقوعه.
والذكاء دائما وليد الشك في الذكاء.
والغباء نتيجة حتمية للإيمان المطلق بالذكاء.
وهكذا غباء ألمانيا.
نامعلوم صفحہ