ولكننا نريدها انتخابات لتحقيق الهبة التي نادى بها الرئيس مبارك، وتحقيق الصحوة والانفجارة السلمية البانية التي نادينا وننادي بتحقيقها، نريدها انتخابات توقظنا ونستيقظ بها، ترد لنا الروح، وترد بها الروح لبلادنا وحياتنا ومجريات أمورنا. نريد وجوها غير الوجوه، وأيديا قوية، تؤيد بقوة إذا أيدت وتعارض بقوة، إذا عارضت لا نريدها «ترحيلة» تأييد وتشويش على الرأي الآخر، وإنما مجلس عقلاء، سواء أكانوا مؤيدين أم معارضين، يعتبر كل منهم أن الآخر أو الآخرين لا يقلون حبا لنا ولبلادنا ولمصلحتنا عنه، إذا استمع إلى الرأي يجيد استماعه، وإذا عرضت المشكلة ينكب عليها دراسة وتحليلا ووصولا إلى رأيه واجتهاده الخاص في حلها.
مجلس يليق بمصر 87، فمنذ مائة عام وأكثر كانت مجالسنا النيابية والتشريعية وحتى الاستشارية أكثر قوة وفاعلية ونضجا من تلك المجالس التي مللنا وجودها منذ أول مجالس ما قبل وبعد عام 1952 إلى الآن، مجالس يفخر المصريون بأنه مجلسهم وقيادتهم الجماعية الحقيقية.
ويفخر هو - هذا المجلس - أنه مجلس مصر الداخلة على القرن الواحد والعشرين، مصر القادرة على أن تصبح ديمقراطيتها نموذجا للديمقراطية في العالم الثالث كله، القادرة على إفراز العلماء والمفكرين والقادة والنواب الذين لا يقلون كفاءة ورجاحة وثقة بالنفس عن نظائرهم في دول العالم الأول. •••
إن أكثر ما يميز الرئيس حسني مبارك هو حساسيته لما يعتمل في قلب الناس وما يدور وراء أقنعة ابتساماتهم، وحتى سكوتهم إن سكتوا، وذلك الاجتماع الذي عقده معنا الرئيس محمد حسني مبارك عقب زيارته لمعرض الكتاب كان حريا أن يتحول إلى مؤتمر مصغر للمثقفين والكتاب، يفتح لهم الرئيس قلبه ويفتحون له قلوبهم، وأعتقد أن الرئيس حرص في العام الماضي، وفي هذا العام أيضا على تقليد الاجتماع بالكتاب والمثقفين في عيد الكتاب لهذا المعنى، ولكن القلوب، قلب الرئيس وقلوبنا، ما كادت تتفتح حتى انبرى أصحاب الأصوات العالية الغليظة يدافعون عن الرئيس وسياسته وكأنه معاذ الله موضع مساءلة، في حين أن الحديث كان موضع استفسار ومناقشة، علت أصواتهم وصخبهم تثبت للرئيس أنهم هم وهم وحدهم الذين يتبنون سياسته ويؤمنون بها ومستعدون للاستشهاد في سبيلها، في حين أنهم في رأيي ليسوا سوى «كذابي زفة» وأن أولئك الذين يريدون مناقشة الرئيس وفتحوا قلوبهم له ومعرفة ما في قلبه هم أولئك المقاتلون المخلصون الذين - عندما يجد الجد - هم الذين سيقفون يدافعون بصدورهم وأرواحهم عن ذلك الحاكم المصري المتواضع في غير تكبر، الديمقراطي بحكم التكوين، الهاوي لرفع الشعارات ثم الضرب تحت الحزام في الظلام.
أجل.
مرحبا بقرار حل ذلك المجلس.
ويا شعبنا العظيم، ها قد جاءت الفرصة وانتخبوا مجلسا يليق بنا وبكم، فإن التفريط في صوت أي منكم، وأداء الانتخاب وأنتم منومون بالقرابة والمحسوبية والكلام المعسول، هو في رأيي خيانة.
فليعتبر كل من ينتخب من لا يؤمن بأحقيته لتمثيل الشعب المصري كله أنه قد خان الأمانة، أو بمعنى أدق خان مصر، مصر التي لا بد أن ترفع عن كاهلها الكآبة والفتور وفقدان الهمة واليأس التي استشرت في الفترة الأخيرة، وتتطلع إلى مستقبل سريع توجده وتخلقه وتحتل به مكانتها الجديرة بها.
المستورد الخفي
تابعت بذهول حكاية الألبان المجففة الحاملة لكم من الإشعاع القاتل، وأعترف أن متابعتي للموضوع جعلتني أعتقد أن حياتنا لا يمكن أن تمضي هكذا أبدا وأننا وصلنا إلى نقطة ما بعد الخطر.
نامعلوم صفحہ