مدینہ فاضلہ عبر تاریخ
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
اصناف
والحب هو المسئول عن الإنجاب، وهو الذي يجمع بين الرجال والنساء بالطريقة التي تجعلهم ينجبون سلالات سليمة، وهم يسخرون منا؛ لأننا نهتم غاية الاهتمام بتحسين نسل الكلاب والخيول بينما نهمل جنسنا البشري. ويعتني الحب أيضا بتعليم الأطفال، وبالأدوية والعقاقير والزراعة وجمع محاصيل الفواكه والحبوب والأعشاب، وكل ما يتعلق بالغذاء والكساء وعلاقات الحب بين الجنسين. وليساعده في عمله عدد كبير من المعلمين والمعلمات المكرسين لهذه الفنون.
ويعنى «الميتافيزيقي» بكل هذه الأمور بالتعاون مع بقية الأمراء الثلاثة الذين يستشيرونه في كل شيء، إذ لا يتم شيء من دونه، وكل ما يقرره يوافقون عليه ...
وسنرى في الفقرة التالية أن كامبانيلا، على الرغم من تأثره الشديد بأفلاطون وبلوتارك، قد ذهب أبعد منهما لأنه يلغي الملكية بالنسبة للمجتمع كله لا لطبقة واحدة فحسب:
كل الأشياء مشتركة بين السكان، ويقوم القضاة بالإشراف على إدارتها. ولا يقتصر الاشتراك على الطعام، بل يشمل المعرفة والمباهج والمسرات وأوجه التشريف والتكريم، بحيث لا يستطيع شخص أن ينفرد بتملك أي شيء.
وهم يقولون إن الملكية قد نشأت عن المعيشة في بيوت منفصلة وتملك الزوجة والأولاد، وأنها هي الأصل في حب الذات. فالأب الحريص على أن يهيئ لابنه الثروة والترف، إما أن يسعى للاستحواذ على الثروة العامة، وذلك إذا كان قويا وجريئا، وإما أن يصبح جشعا ومنافقا إذا كان ضعيفا. ولو جرد الناس من حب الذات لما بقي إلا الحب الذي يجمع بين أعضاء المجتمع.
وهنا يتدخل الفارس بطرح الاعتراض الشائع: «في هذه الحالة لن يرغب أحد في القيام بأي عمل، بل سينتظر من الآخرين أن يقوموا به.» وذلك كما جاء في اعتراض أرسطو على أفلاطون. ويرد عليه البحار قائلا:
لا يمكنني أن أناقش هذه الفكرة، وكل ما أستطيع أن أقوله لك هو أنهم يحبون وطنهم حبا صادقا عجيبا. بل إن حبهم لوطنهم أعظم من حب الرومان لبلادهم، لأنهم ذهبوا في التخلي عن الملكية إلى حد أبعد منهم بكثير. وأعتقد أن القسيسين والرهبان عندنا لو استغنوا عن العائلات والأصدقاء، وعن أي طموح إلى المناصب العليا، لأصبحت ملكياتهم أقل (مما هي عليه) وتشربوا بروح القداسة والإحسان للجميع ...
ويحرص القضاة أشد الحرص على ألا يأخذ أحد أكثر مما يأخذه غيره أو أكثر مما يستحق، ومع ذلك فإن كل فرد يأخذ كل ما يحتاج إليه، وتتجلى الصداقة في أثناء الحروب والإصابة بالمرض أو في الدراسة، عندما يتعاون بعضهم مع بعض ويعلم بعضهم بعضا. ويدعو جميع الشبان بعضهم بعضا بالأخوة، أما من يكبرونهم بخمسة عشر عاما فيدعونهم بالآباء، ومن يصغرونهم بخمسة عشر عاما بالأنباء. ويحرص القضاة، الذين يراقبون كل شيء بعناية، على ألا يصيب الأخ أخاه بأي أذى.
الفارس: وكيف؟
البحار: يوجد بينهم من القضاة بقدر ما يوجد بيننا من الفضائل. والأسماء التي تطلق عليهم هي التحرر، والشهامة، والعفة والصلابة، والعدالة الجنائية والمدنية، والاجتهاد والصدق، والرحمة، والعرفان بالجميل والإحسان. ويختار كل واحد من هؤلاء وهو لا يزال يعد صبيا، وذلك عندما يظهر منه في المدرسة أنه يميل إلى فضيلة معينة. ولما لم يكن بينهم لصوص أو قتلة، ولا اغتصاب أو انتهاك للمحارم أو زنا كما هو الحال بيننا، فإنهم يتهم بعضهم بعضا بالعقوق أو سوء النية (عندما يرفض أحدهم الاستمتاع بإحدى المسرات البريئة) أو بالخداع الذي يبغضونه أكثر من بعضهم للطاعون. والذين تثبت إدانتهم (بإحدى هذه التهم) يحرمون من المائدة المشتركة ومن معاشرة النساء، وذلك إلى أن يرى القاضي أنهم قد أصلحوا أنفسهم ...
نامعلوم صفحہ