مدینہ فاضلہ عبر تاریخ
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
اصناف
Ethel Mannin
بعده بقليل، في كتابها «خبز وورد»، استقصت المفاهيم المختلفة لليوتوبيات كما أعطتنا رؤية ليوتوبياها الخاصة. واستمر هؤلاء الكتاب يؤكدون إرادة اليوتوبيا، ويرددون صدى عبارة أوسكار وايلد الشهيرة: «إن خريطة العالم التي لا تتضمن اليوتوبيا لا تستحق حتى إلقاء النظر عليها؛ لأنها البلد الوحيد الذي تهبط عليه سفن البشرية دائما. وعندما ترسو البشرية هناك، فإنها تتطلع للأفق، وإذا لمحت بلدا أفضل، بدأت الإبحار من جديد، فالتقدم هو تحقيق اليوتوبيات في الواقع.» ومع ذلك فإن الاتجاه المتزايد للأدب الحديث قد أصبح مضادا لليوتوبيا. ولم يعد ينظر لليوتوبيا كحلم مثالي ومستحيل، لكن باعتبار أنها قد تحققت بالفعل أو في طريقها إلى التحقق، ولم تعد كذلك تنطق بالسعادة، والكمال، والتقدم، لأن الحلم قد تحول في نظر الكثيرين إلى كابوس مروع.
ويبدو أن نبوءة نيقولا برديائيف
5
كادت أن تصبح حقيقة، فقد قال: «يبدو أن اليوتوبيات صارت أكثر قابلية للتحقق مما كانت عليه في الماضي. ونحن نجد أنفسنا في مواجهة مشكلة مثيرة للحزن: كيف يمكننا أن نحول دون تحققها النهائي؟ ... ومن الممكن أن تتحقق اليوتوبيات، والحياة تتقدم نحو اليوتوبيا. وربما يكون قرن جديد قد بدأ، قرن يحلم فيه المثقفون والطبقات المستنيرة بالوسائل الكفيلة بتجنب اليوتوبيات والعودة إلى مجتمع غير يوتوبي أقل كمالا وأكثر حرية.»
ربما يكون من عدم الإنصاف أن نقول إن القرن العشرين يعيش يوتوبيات الماضي، فالعالم الذي خاض غمار حربين فظيعتين خلال فترة من الزمن لا تزيد على الثلاثين عاما، العالم الذي خربته الأوبئة والمجاعات، تصعب المقارنة بينه وبين اليوتوبيات التي ادعت أنها ألغت الفقر والبطالة، بل أقامت حكومة عالمية ستضع نهاية للحروب. ومع ذلك يصح أن نقول إن بنية المجتمعات التي دعت إليها يوتوبيات الماضي قد أصبحت - إلى حد كبير - حقيقة واقعة، ولما كانت النتائج التي أسفرت عنها تحمل شبها ضعيفا بالنتائج التي أوحت إلينا بأن نتوقعها، فقد يكون هناك ما يبرر القول بأن البنية نفسها فاسدة. لقد أخفق القرن العشرون إخفاقا ذريعا عندما حاول تحقيق الخطط اليوتوبية للماضي، أوجد دولا جبارة تتحكم في وسائل الإنتاج والتوزيع، ولكنها لم تقض على الجوع، دولا شجعت الاكتشافات العلمية وطورت الإنتاج، ولكنها فشلت في أن توفر للمواطن مستوى لائقا للحياة، وزعمت أنها حققت المساواة الكاملة، ولكنها خلقت بدلا من ذلك طبقات جديدة مميزة وألوانا من عدم المساواة ربما تكون أفظع مما سبقها، دولا حولت الناس إلى «ربوتات» خاضعة للآلات التي تقوم على خدمتها، وجعلتهم وحوشا بتأثير الدعاية، دولا أوجدت الظروف التي ينظر فيها إلى كل فكر فردي على أنه جريمة، ويتوقف فيها الأدب والموسيقى والفن عن أن تكون تعبيرا عن الفرد، وتتحول بدلا من ذلك إلى نفاق للنظام الذي حلت فيه العبودية للدولة وآلهتها الجديدة محل الديانة القديمة.
هل خانت هذه اليوتوبيات بالفعل روح أولئك الذين تصوروها؟ إن هؤلاء الكتاب قد عشقوا السلطة، كانوا مقتنعين بضرورة إبلاغ «الشعب» بما هو في مصلحته، أرادوا النظام بأي ثمن، حتى لو كان هو البيروقراطية، كرهوا الفردية، وكانت عقولهم ضيقة الأفق «غير إنسانية». ويمكننا أن نتخيل «كابيه» وهو يصحب بياتريس وسيدني ويب
Beatrice and Sidney Webb
في رحلتهما إلى بلاد السوفييت، ومن المرجح أن تقريره كان سيفيض بالحماس مثل تقريرهما. ويشعر الإنسان بأن بيلامي كان من الممكن أن تفتنه مظاهر الفاشية الإيطالية والنازية الألمانية، وأنه كان سيعجب أشد الإعجاب بالسخرة الصناعية في بريطانيا، وتأميم الصناعة، ونظام البطاقات التموينية وغيرها من التطورات الحديثة.
ولكن هذه اليوتوبيات لم ينظر إليها دائما بعيون ورثة الكتاب اليوتوبيين في القرن التاسع عشر، ونقصد بها الفابيين
نامعلوم صفحہ