معنی حیات مقدمہ قصیرہ
معنى الحياة: مقدمة قصيرة جدا
اصناف
في غضون ذلك، كلما لاح الدين كبديل للنزيف المستمر للمعنى العام، كان يدفع في اتجاه أشكال قبيحة متعددة من الأصولية. أو إن لم يكن ذلك، كان يدفع في اتجاه هراء أنصار حركة العصر الجديد. باختصار أصبحت الروحانية إما جامدة أو فاترة بلا روح. ومن ثم أصبحت مسألة معنى الحياة بين أيدي المرشدين الدينيين والموجهين الروحانيين، والمتخصصين في خلق الإحساس بالسعادة، ومعالجي النفس. ومن خلال التقنيات الصحيحة، كان يمكنك أن تضمن نفض غبار انعدام المعنى عنك في غضون فترة بسيطة لا تتجاوز الشهر. واتجه المشاهير الذين فسدت عقولهم بفعل المداهنة إلى الكابالا والساينتولوجي. وكان مصدر إلهامهم في هذا هو ذلك الاعتقاد الخاطئ والتافه بأن الروحانية لا بد بالطبع أن تكون شيئا دخيلا وسريا، وليس شيئا عمليا وماديا. وفي نهاية المطاف، كانت المادة - في شكل الطائرات الخاصة ومجموعات الحرس الخاص - هي ما كانوا يحاولون - على الأقل ذهنيا - الهروب منها.
بالنسبة لتلك النوعيات، كان الجانب الروحاني هو الجانب الآخر للمادة. فقد كان مجالا من الغموض المختلق الذي ربما كان فيه تعويض عن عبث الشهرة الدنيوية. وكلما كان غامضا - وكلما كان أقل شبها بحسابات وكلائك ومحاسبيك المجردة من المشاعر الإنسانية - بدا أكثر معنى. وإذا كانت الحياة العادية قاصرة في المعنى، فسيكون لزاما أن يتم إكمالها صناعيا بالمادة. ومن الممكن تطعيمها من وقت لآخر بقدر ضئيل من علم التنجيم أو استحضار الأرواح، مثلما قد يضيف الإنسان الفيتامينات إلى نظامه الغذائي. وقد أحدثت دراسة أسرار قدماء المصريين تغييرا محببا من تلك المسألة المرهقة الخاصة بالعثور لنفسك على قصر آخر به خمسين غرفة نوم. علاوة على ذلك، فلما كانت الروحانية تكمن في العقل بشكل كامل، فإنها لم تتطلب منك أي نوع مزعج من الأفعال، كتحرير نفسك من عبء إدارة قصورك من خلال التبرع بمبالغ ضخمة من المال للمشردين.
يوجد جانب آخر للقصة. فإذا كان المجال الرمزي مفصولا عن المجال العام، فقد اجتيح من قبله أيضا. لقد غلف الجنس كسلعة مربحة في السوق، فيما كانت الثقافة تعد في أغلب الأحيان من أجل وسائل الإعلام المتعطشة للربح. أما الفن، فكان مسألة مال وسلطة ومكانة ورأس مال ثقافي. لقد كانت الثقافات آنذاك تغلف وتوزع بشكل مثير للدهشة بواسطة صناعة السياحة. حتى الدين حول نفسه إلى صناعة مربحة، عندما احتال المبشرون التليفزيونيون على الفقراء السذج الورعين واستولوا على أموالهم التي كسبوها بشق الأنفس. بعد ذلك ابتلينا بأسوأ ما في كلا العالمين. فالأماكن التي كان فيها المعنى عادة في أقصى مخزون له لم تعد تؤثر كثيرا على العالم العام؛ ولكنها أيضا احتلت بشكل عدواني من قبل قواها التجارية، ومن ثم أصبحت جزءا من تسرب المعنى الذي كانت يوما تسعى لمقاومته. وأجبر هذا النطاق من الحياة الرمزية - الذي أصبح الآن مخصخصا - على تقديم أكثر مما يستطيع. ونتيجة لذلك، كان إيجاد المعنى حتى في المجال الخاص يزداد صعوبة. ولم يعد العبث وإضاعة الوقت بينما الحضارة تحترق، أو الاهتمام بشئونك الخاصة بينما التاريخ ينهار من حولك، تبدو كخيارات عملية كما كانت من قبل.
شكل 1-3: المبشر التليفزيوني الأمريكي جيري فالويل في عرض أصولي حماسي مكتمل. (© Wally McNamee/Corbis)
وتعد الرياضة بلا شك في وقتنا هذا واحدة من أكثر فروع صناعة الثقافة شعبية وتأثيرا. فإذا تساءلت عما يقدم معنى ما في الحياة هذه الأيام لقطاع كبير من الناس - لا سيما الرجال - فلا بأس أن تكون إجابتك هي «كرة القدم». ربما لن يكون الكثير منهم على استعداد للاعتراف بذلك بنفس الدرجة، ولكن الرياضة - وفي كرة القدم البريطانية على وجه الخصوص - تحل محل جميع تلك القضايا النبيلة - من الإيمان الديني، والسيادة القومية، والشرف الشخصي، والهوية العرقية - التي كان الناس على مدار قرون على استعداد للتضحية بأرواحهم في سبيلها. فالرياضة تتضمن ولاءات وعداوات قبلية، وطقوسا رمزية، وأساطير رائعة، وأبطالا رموزا، ومعارك ملحمية، وجمالا حسيا، وإشباعا بدنيا، وإشباعا فكريا، واستعراضات مهيبة، وإحساسا عميقا بالانتماء. كذلك تقدم التضامن الإنساني والتجسيد اللحظي اللذين لا يوفرهما التليفزيون. ولولا هذه القيم، لصارت حياة الكثيرين خاوية بلا شك. فالرياضة - وليس الدين - هي أفيون الشعوب الآن. والحق أن الدين الآن في عالم الأصولية الإسلامية والمسيحية لم يعد أفيون الشعوب بقدر ما هو كوكايين الشعوب.
شكل 1-4: الألم والنشوة: مشجع رياضي. (© Rex Features)
وقد صار المعلمون الدينيون المزيفون والحكماء الكاذبون في عصرنا هذا يحلون محل الكيانات المقدسة الأكثر تقليدية التي أثبتت فشلها وعجزها. فالفلاسفة - على سبيل المثال - تم تحويلهم فيما يبدو إلى خبراء تقنيين في اللغة. صحيح أن فكرة الفيلسوف كمرشد هاد لمعنى الحياة هي اعتقاد خاطئ رائج، ولكنك على الرغم من ذلك قد تتوقع منه أن يقوم بما هو أكثر من محاولة إثناء الأشخاص عن الانتحار قفزا من النوافذ عن طريق الإشارة إلى أن التركيب النحوي لعبارة
nothing matters
يختلف عن التركيب النحوي لعبارة
nothing chatters (زعم الفيلسوف جلبرت رايل بجامعة أكسفورد ذات مرة أنه أقنع أحد الطلاب بالعدول عن الانتحار عن طريق شرح هذا الفارق له). في الوقت نفسه، أصبح علم اللاهوت فاقدا للثقة بفعل تسلل العلمانية إليه، وكذلك بفعل جرائم وحماقات الكنائس. وجاء علم الاجتماع الوضعي وعلم النفس السلوكي - إلى جانب العلوم السياسية الخالية من أي رؤية - ليكملا خيانة النخبة المثقفة. فكلما سخرت العلوم الإنسانية لخدمة احتياجات الاقتصاد، ازداد تخليها عن دراسة وفحص القضايا والمسائل الجوهرية؛ ومن ثم هرع بائعو بطاقات التاروت، والعرافون، وأفاتارات أتلانتس، ومتخصصو تنقية الروح لشغل مكانها. وهكذا أصبح معنى الحياة صناعة مربحة. وهكذا كانت كتب على شاكلة «الميتافيزيقا للتجار المصرفيين» تلتهم سريعا. واتجه الرجال والنساء ممن تحرروا من وهم العالم المهووس بصنع المال والثروة إلى متعهدي الحقيقة الروحانية، الذين كونوا ثروة طائلة من توريدها.
نامعلوم صفحہ