معارج الآمال
معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب
اصناف
ويجاب بأن محل جواز ذلك في غير المواضع التي تتلف بها نفس الصبي، فلو لم يكن الجهاد واجبا عليه يومئذ ما عرضه - صلى الله عليه وسلم - للقتال.
وأيضا: فقد علم من حاله - صلى الله عليه وسلم - أنه يمنع الصبيان من الجهاد والقتال، وإنما يجيز للبالغين، فعلم من هذا أنه قد حكم - صلى الله عليه وسلم - ببلوغ ابن عمر يومئذ.
لا يقال: إن ذلك لا يدل على الحكم ببلوغه لاحتمال أن يكون قد علم بلوغه من حال غير السنين؛ لأنا نقول: إن هذا الاحتمال أمر متوهم لا يعارض الظاهر من الحال.
وأيضا: فلو كان - صلى الله عليه وسلم - حكم ببلوغه لحال غير السنين لنقلته الرواة، وهم لم ينقلوا إلا عدد السنين، فظهر بهذا أن من بلغ من الصبيان خمس عشرة سنة يحكم ببلوغه، والله أعلم.
قال الفخر: قال أبو بكر الرازي: قوله تعالى: {والذين لم يبلغوا الحلم منكم} يدل على بطلان قول من جعل حد البلوغ خمس عشرة سنة إذا لم يحتلم؛ لأن الله تعالى لم يفرق بين من بلغها وبين من قصر عنها بعد أن لا يكون قد بلغ الحلم، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من جهات كثيرة : «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يحتلم»، ولم يفرق بين من بلغ خمس عشرة سنة، وبين من لم يبلغها.
قال: فإن قيل: فهذا الكلام يبطل التقدير أيضا بثماني عشرة سنة.
صفحہ 99