ومنها: إقرار - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي القائل: «اللهم ارحمني وارحم محمدا»، وإنما أنكر قوله: «ولا ترحم معنا أحدا» بقوله: «لقد تحجرت واسعا»، وفي حديث: «وترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم»، وروي أن الأنصار قالوا يوم حنين حين لم يعطهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا من الغنيمة قالوا: «رحم الله رسول الله...» إلى آخر الحديث، فلم ينكر عليهم رسول الله طلبهم الرحمة له.
وأيضا: فقد فسرت الصلاة عليه من ربه بالرحمة فلا وجه للقول بالمنع، والله أعلم.
المسألة السادسة: في انتفاعه - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة عليه
المختار أنه - صلى الله عليه وسلم - منتفع بصلاتنا عليه؛ لأن صلاتنا عليه إنما هي طلبنا من الله تعالى رحمة له مقرونة بتعظيم، وهو - صلى الله عليه وسلم - وإن بلغ في الكمال والشرف مقاما لا يناله غيره من المخلوقين فإن الكمال الإنساني قابل للزيادة، وطلب زيادة الخير له زيادة كمال له، وإن كان مثلنا لا يشفع لمثله، لكن أمرنا أن نطلب له ذلك، فطلبنا له ذلك إنما هو امتثال لهذا الأمر، وتقرب إلى الله بالصلاة عليه، وقد جعل الله تعالى ببركة رسوله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة عليه ثوابا للمصلي بامتثال وزيادة درجة لرسوله - صلى الله عليه وسلم - ، فزيادة الدرجات له حاصلة على عدد صلاة المصلين عليه، فليس هذا بشفاعة له منا.
صفحہ 54