والجواب عن التمسك الثاني: أنا لا نسلم أن ذلك يقتضي ما ذكروه، ولم لا يجوز أن يكون المراد من قوله أهل دعوته، والدليل على عموم الدعوة قوله تعالى: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا} فهو - صلى الله عليه وسلم - رسول الثقلين؛ لأن التحدي كما وقع مع الإنس فقد وقع مع الجن بدليل قوله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا}.
وأيضا: فإن أهل الكتاب من يهود ونصارى قد دخلوا في وجوب اتباعه - صلى الله عليه وسلم - من طريق عموم الدعوة، ومن طريق خصوصهم بالذكر، فإن كثيرا من آيات الكتاب قد وجهت خطابا إليهم كقوله تعالى: {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير} فإذا أقرت العيسوية بنبوة نبينا - صلى الله عليه وسلم - وجب عليهم قطعا أن يصدقوه بأنه رسول إليهم وإلى الكافة من جن وإنس؛ لأن الأنبياء يستحيل عليهم الكذب، وقد أخبر - صلى الله عليه وسلم - بأنه أرسل إلى الأحمر والأبيض، وأخبر /23/ القرآن بأنه أرسل إلى الناس كافة، والله أعلم.
صفحہ 45