معارج الآمال
معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب
اصناف
والحجة لنا على الجميع: هي أنه لو كان الفعل حسنا أو قبيحا لذاته أو لصفة لازمة لما اختلف بأن يكون تارة حسنا وتارة قبيحا، ولاجتمع النقيضان في قول القائل: "لأكذبن غدا" صدق أو كذب.
وبيانه: أن قوله ذلك إن طابق الواقع كان حسنا لصدقة، وقبيحا لاستلزامه وقوع متعلقه الذي هو صدور الكذب عنه في الغد، وإن لم يطابق الواقع كان قبيحا لكذبه، وحسنا لاستلزامه عدم وقوع متعلقه الذي هو الكذب القبيح، ولا شك أن انتفاء القبيح /88/ وتركه حسن.
وتقريره: أن ملزوم الحسن حسن، وملزوم القبيح قبيح، فيلزم في الكلام اليومي اجتماع صفتي الحسن والقبح الذاتيين وهما متناقضان ضرورة؛ لأن الحسن ليس بقبيح.
وأيضا: فلو كان الحسن والقبح ذاتيين لوجب أن لا يختلفا في حال من الأحوال، وقد رأينا الصدق النافع حسنا، فإن أفضى إلى قتل مؤمن أو أذاه أو نحو ذلك كان قبيحا، ورأينا الكذب قبيحا فإن أفضى إلى نجاة مؤمن من قتل أو أذى أو نحو ذلك كان حسنا، وكذلك ضرب اليتيم يكون حسنا للتأديب، قبيحا للتعذيب، فلو كان الحسن والقبيح ذاتيين لوجب أن لا يختلفا باختلاف الأحوال، والله أعلم.
المسألة الثالثة: [قول المعتزلة بوجوب الصلاحية والأصلحية على الله]
ذهبت المعتزلة بناء على قولهم بتحكيم العقل إلى وجوب الصلاحية والأصلحية على الله تعالى.
ومرادهم بالصلاحية: ما قابل الفساد كالإيمان في مقابلة الكفر، فيقولون: إذا كان هناك أمران أحدهما: صلاح، والآخر: فساد وجب على الله أن يفعل الصلاح منهما دون الفساد.
صفحہ 165