فالأول: لا تزول إباحته إلا بيقين زوال الملك عنه، اللهم إلا في الأبعاض عند من يوقع الطلاق بالشك فيه كمالك، وإذا غلب على الظن وقوعه كإسحاق بن راهويه.
والثاني: لا يزول تحريمه إلا بيقين العلم بانتقال الملك فيه؛ وأما ما لا يعلم له أصل ملك كما يجده الإنسان في بيته، ولا يدري هو له أو لغيره؛ فهذا مشتبه، ولا يحرم عليه تناوله؛ لأن الظاهر أن ما في بيته ملكه لثبوت يده عليه، والورع اجتنابه، ومن هذا أيضا ما أصله الإباحة، كطهارة الماء والثوب والأرض، إذا لم يتيقن جواز أصله، فجوز استعماله. وما أصله الحظر كالأبضاع ولحوم الحيوان فلا يحل إلا بتيقن حله من التذكية والعقد، فإن تردد في شيء من ذلك لظهور سبب آخر رجع إلى الأصل فبنى عليه؛ فما أصله الحرمة على التحريم، ويرجع فيما أصله الحل إلى الحل، فلا ينجس الماء والثوب والأرض بمجرد ظهور النجاسة، وكذلك البدن إذا تحقق طهارته، وشك هل انتقضت بالحدث عند جمهور العلماء، خلافا لمالك، إذا لم يكن قد دخل في الصلاة؛ فإن وجد سبب قوي يغلب معه على الظن نجاسة ما أصله الطهارة، فهذا محل اشتباه، فمن العلماء من رخص فيه آخذا بالأصل. ومنهم من كرهه تنزيها. ومنهم من حرمه إذا قوي ظن النجاسة.
صفحہ 10