في الشهور والأيام والسَّاعات، فالسعيدُ مَنِ اغتنمها، والشَّقيُّ مَنْ فَرَّط بها وحُرِمَها.
وقد صنَّفَ الحافظُ الإمامُ ابنُ رجبٍ الحنبليُّ كتابًا بديعًا لا مثيلَ له في المحافظة على تلك الأوقات، واغتنام فعلِ الوظائف الموظَّفة لكلِّ واحدة منها، سماه: "لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف"، انتهج فيه نَهْجَ ابنِ القيم ﵀ في كثيرٍ من كلامه وجمله، وتأثَّر بوعظ الإمام ابن الجوزي ﵀.
ثم جاء الإمامُ يُوسفُ بنُ عبد الهادي فَنَهلَ من مَعينِ هذه المدرسة العظيمة، واقتبس من جواهر كلامهم عُيونًا من الحِكَم والَآداب والمواعظ، وأودعه كتابَه الذي سمَّاه: "معارفَ الإنعامِ وفضل الشُّهور والأيام"؛ فجاءت جملُ كتابهِ رقيقةً عَذْبة، سَهْلة واضحة، مُوقِظة للمقصَّرين والغافلين، مَشْحَذَة للعابدين والصالحين، داعيةً إلى السِّباق واللَّحاق بِرَكْبِ الأنبياء والصِّدِّيقين، ولسانُ حالِ تلك العبارات قائل:
مضى أمسُكَ الماضي شهيدًا معدلًا ... وأعقبه يومٌ عليكَ جديدُ
فيومُكَ إِنْ أغنيتَهُ عادَ نفعُهُ ... عليكَ وماضي الأمسِ ليسَ يعودُ
فإن كنتَ بالأمسِ اقترفتَ إساءةً ... فَثَنِّ بإحسانٍ وأنتَ حَميدُ
1 / 6