معاني الأخبار
مcاني الأخبار
تحقیق کنندہ
محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م
پبلشر کا مقام
بيروت / لبنان
قَوْلُهُ ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ [يوسف: ٣٣]، فَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ الْبَلَاءَ مُوَكَّلٌ بِالْقَوْلِ»، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ﴾ [يوسف: ٣٣]، لَمْ يُسْجَنْ هَذَا، أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ، فَكَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَتَبَهُ عَلَى يُوسُفَ ﷺ أَجْرَى ذَلِكَ عَلَى لِسَانِهِ؛ لِأَنْ لَا يُسْبَقَ إِلَى الْأَوْهَامِ أَنَّ لُبْثَهُ فِي السِّجْنِ كَانَ عُقُوبَةً لَهُ عَلَى ذَنْبٍ، أَوْ مُعَاتَبَةً عَلَى تَقْصِيرٍ، وَلَكِنْ عَلَى اخْتِيَارٍ مِنْهُ، وَأَنَّهُ آثَرَ أَلَمَ نَفْسِهِ وَعَنَاهَا عَلَى ارْتِكَابِ مَا رُووِدَ عَلَيْهِ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ ﷿، فَهُوَ تَشَكُّرٌ مِنْهُ وَإِظْهَارُ فَضْلِهِ ﵇، وَلُبْثُهُ فِي السِّجْنِ مُدَّةَ مَا لَبِثَ رِفْعَةٌ لَهُ، وَإِظْهَارُ شَرَفِهِ، وَعُلُوُّ مَنْزِلَتِهِ، وَارْتِفَاعُ دَرَجَتِهِ، فَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ حُجَّةٌ عَلَى مَنِ ابْتُلِيَ بِالرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَالْعُبُودِةِ إِذَا قَصَّرَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَأَيُّوبُ ﵇ حُجَّةٌ عَلَى أَهْلِ الْبَلَاءِ، وَسُلَيْمَانُ ﵇ حُجَّةٌ عَلَى الْمُلُوكِ، وَلَيْسَ مَا جَرَى عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، وَلَا وَمَا ابْتُلِيَ بِهِ الْأَوْلِيَاءُ وَالصِّدِّيقُونَ مِنَ الْمِحَنِ وَالْبَلَايَا عُقُوبَاتٍ لَهُمْ، وَلَكِنْ تُحَفٌ وَهَدَايَا وَخِلَعٌ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ «أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ»، وَقَالَ ﷺ: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ تَعَالَى عَبْدًا صَبَّ عَلَيْهِ الْبَلَاءَ صَبًّا، وَسَجَّهُ سَجًّا» وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «لَوْلَا كَلِمَةٌ قَالَهَا»، يَصْرِفُ مَعْنَى الْكَلِمَةِ إِلَى الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ وَالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ فِي سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ أَنْ يَلْبَثَ يُوسُفُ ﵇ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ، فَيَجُوزُ مَعْنَاهُ لَوْلَا كَلِمَةٌ قَالَهَا الْحَقُّ ﷿ مَا لَبِثَ يُوسُفُ ﵇ مَا لَبِثَ، لِقَوْلِهِ ﷿ ﴿وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي﴾ [السجدة: ١٣]، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْقَوْلِ ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ [يونس: ١٩]، وَقَوْلُهُ ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا﴾
1 / 119