124

معاني الأخبار

مcاني الأخبار

تحقیق کنندہ

محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي

ناشر

دار الكتب العلمية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م

پبلشر کا مقام

بيروت / لبنان

حَدِيثٌ آخَرُ
قَالَ الْمُصَنِّفُ ﵀ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو اللَّيْثِ نَصْرُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ: ح أَبُو عِيسَى قَالَ: ح قُتَيْبَةَ قَالَ: ح أَبُو عَوَانَةَ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، ﵁، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «تَسَحَّرُوا؛ فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً» قَالَ الشَّيْخُ ﵀: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْبَرَكَةِ الزِّيَادَةَ، وَمَعْنَى الزِّيَادَةِ فِي السَّحُورِ يَنْصَرِفُ عَلَى وُجُوهٍ مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ زِيَادَةً فِي الْقُدْرَةِ عَلَى صَوْمِ النَّهَارِ، وَمِثْلُهُ مَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ قُوَّةٌ عَلَى صَوْمِ النَّهَارِ وَهُوَ مَا
حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُرُوكِيُّ قَالَ: ح يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي حَيْرَانَ قَالَ: ح الْحَارِثُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَكَمِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً وَقُوَّةً» ⦗١٧٨⦘ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الزِّيَادَةُ فِي إِبَاحَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لِمَنْ أَرَادَ الصِّيَامَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِي بَدْءِ الْأَمْرِ أَنَّ الصَّائِمَ إِذْ نَامَ حُرِّمَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ، ثُمَّ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ بِقَوْلِهِ ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ﴾ [البقرة: ١٨٧]، فَإِبَاحَةُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي لَيْلَةِ الصِّيَامِ بَعْدَ النَّوْمِ وَهُوَ السَّحُورُ زِيَادَةٌ عَلَى إِبَاحَةِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عِنْدَ الْإِفْطَارِ، وَهُوَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى بِرُخَصِهِ، كَمَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى بِعَزَائِمِهِ» فَيَكُونُ مَعْنَى التَّرْغِيبِ فِي السَّحُورِ تَرْغِيبًا فِي قَبُولِ الرُّخْصَةِ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ إِتْيَانَهَا. وَمَعْنَى الْبَرَكَةِ الزِّيَادَةُ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الزِّيَادَةِ فِي الْعُمُرِ لِأَنَّ الْعُمُرَ الْحَيَاةُ، فِيهَا نَوْمٌ إِلَى الْأَجَلِ الْمُؤَقَّتِ الَّذِي إِذَا جَاءَ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ، وَهَذِهِ الْمُدَّةُ فِيهَا نَوْمٌ وَيَقَظَةٌ، وَالنَّوْمُ مَوْتٌ وَالْيَقَظَةُ حَيَاةٌ، قَالَ تَعَالَى ﴿هُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ﴾ [الأنعام: ٦٠]، وَقَالَ تَعَالَى ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾ [الزمر: ٤٢]، فَسَمَّى الْوَفَاةَ الَّتِي هِيَ النَّوْمُ مَوْتًا، وَالْيَقَظَةَ حَيَاةً وَنُشُورًا بِقَوْلِهِ ﴿ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ﴾ [الأنعام: ٦٠]، وَفِي مُدَّةِ الْحَيَاةِ مَعْنَيَانِ: اكْتِسَابُ الطَّاعَةِ لِلْمُعَاوِدِ، وَاقْتِنَاءُ الْمَرَافِقِ لِلْمَعَاشِ، وَمِنَ الْمَرَافِقِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ، قَالَ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ [المؤمنون: ٥١] وَفِي السَّحُورِ يَقَظَةٌ، وَهِيَ الْحَيَاةُ، فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي الْحَيَاةِ وَأَكْلٌ وَشُرْبٌ، وَهُوَ زِيَادَةٌ فِي مَرَافِقِ الْحَيَاةِ، وَفِيهِ فِي زِيَادَةِ اكْتِسَابِ الطَّاعَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ أَرَادَ السَّحُورَ رُبَّمَا تَطَهَّرَ وَصَلَّى، فَإِنْ قَصَّرَ سَمَّى اللَّهَ وَدَعَا، وَإِنْ غَفَلَ عَنِ الذِّكْرِ وَكَسَلَ عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ لِنِيَّةِ الصِّيَامِ طَاعَةٌ، فَفِيهِ زِيَادَةُ الْحَيَاةِ، وَزِيَادَةُ الرِّفْقِ، وَزِيَادَةُ الطَّاعَةِ، وَهَذَا هُوَ الْعُمُرُ، فَفِي السَّحُورِ زِيَادَةُ الرِّفْقُ فِي الْعُمُرِ، وَيَكُونُ فِي السَّحُورِ زِيَادَةُ وَقْتِ السَّحُورِ عَلَى الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ الْمَرْغُوبِ فِيهَا، وَهِيَ أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، فَإِنَّهَا أَفْضَلُ ⦗١٧٩⦘ أَوْقَاتِ الزَّمَانِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَيُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتَنْزِلُ الرَّحْمَةُ، وَيُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ، وَفِي وَقْتِ السَّحُورِ كَذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾ [آل عمران: ١٧]، وَقَالَ ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الذاريات: ١٨] وَقَالَ ﷺ: " إِذَا كَانَ الثُّلُثُ الْأَخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ، هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ " وَسُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ: أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: «الثُّلُثُ الْأَخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ»، وَقَدْ قَالَ ﷺ: «مِنَ الْفِطْرَةِ تَأْخِيرُ السَّحُورِ» أَرَادَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقَعَ فِي الثُّلُثِ الْأَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ لِيَكُونَ فِيهِ دَعْوَةٌ وَاسْتِغْفَارٌ فَيُجَابَ، وَسُؤَالُ حَاجَةٍ فَتُقْضَى، فَوَقْتُ السَّحُورِ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَوْقَاتِ الْمَرْغُوبِ فِيهَا الَّتِي هِيَ أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، إِذًا فَالسُّحُورُ زِيَادَةٌ فِي الْقُوَّةِ، وَزِيَادَةٌ فِي إِبَاحَةِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَزِيَادَةٌ فِي الرُّخَصِ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ إِتْيَانَهَا، وَزِيَادَةٌ فِي الْحَيَاةِ، وَزِيَادَةٌ فِي الرِّفْقِ فِيهَا، وَزِيَادَةٌ فِي اكْتِسَابِ الطَّاعَةِ، وَزِيَادَةٌ عَلَى الْأَوْقَاتِ الَّتِي يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: إِنَّ الرُّخْصَةَ بَرَكَةٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، وَكَانَ السَّبَبُ فِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ ﵂ فَقَدَتْ قِلَادَةً لَهَا فِي بَعْضِ الْغَزَوَاتِ، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى طَلَبِهَا، وَالنَّاسُ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، فَقِيلَ لِعَائِشَةَ ﵂: مَا هَذَا بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، فَجَعَلَ الرُّخْصَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَرَكَةً يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ بَرَكَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا حِسَابَ فِيهِ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: " أَرْبَعُ نَفَقَاتٍ لَا حِسَابَ لِلْعَبْدِ فِيهِنَّ: نَفَقَةٌ عَلَى عِيَالِهِ، وَعَلَى وَالِدِهِ، وَعَلَى إِفْطَارِهِ، وَعَلَى سَحُورِهِ " ⦗١٨٠⦘ ثُمَّ فِي السَّحُورِ فَوَائِدُ، قِيلَ: فِيهِ حُصُولُ النِّيَّةِ لِلصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَزُولُ الِاخْتِلَافُ فِي جَوَازِ صَوْمِهِ، وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِأَهْلِ الْكِتَابِ، قَالَ ﷺ: «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحُورِ» وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا ﵏: إِنَّ السَّحُورَ وَقْتُ النَّجَاةِ، قَالَ تَعَالَى ﴿نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ نِعْمَةً مِنْ عِنْدَنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ﴾ [القمر: ٣٥]، كَأَنَّهُ جَعَلَ وَقْتَ السَّحَرِ وَقْتَ الزِّيَادَةِ نِعْمَةً وَنَجَاةً مِنْ نِعْمَةٍ، وَالسَّحُورُ يَكُونُ فِي هَذَا الْوَقْتِ، فَتَيَقُّظُ الْمُتَسَحِّرِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِهَلَاكِ مَنْ هَلَكَ، وَنَجَاةِ مَنْ نَجَا. وَقِيلَ فِيهِ: قَالَ ﷺ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا»، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، فَقَالَ: «تَسَحَّرُوا؛ فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً» أَيْ: بَرَكَةُ الْبُكُورِ

1 / 177