معالم أصول الدين

Fakhr al-Din al-Razi d. 606 AH
53

معالم أصول الدين

معالم أصول الدين

تحقیق کنندہ

طه عبد الرؤوف سعد

ناشر

دار الكتاب العربي

پبلشر کا مقام

لبنان

أَحدهمَا أَنه تَعَالَى لَو كَانَ بِحَيْثُ تمْتَنع رُؤْيَته لذاته لما حصل التمدح بِنَفْي هَذِه الرُّؤْيَة بِدَلِيل أَن المعدومات لَا تصح رؤيتها وَلَيْسَ لَهَا صفة مدح بِهَذَا السَّبَب أما إِذا كَانَ الله تَعَالَى بِحَيْثُ يَصح أَن يرى ثمَّ إِنَّه قَادر على حجب جَمِيع الْأَبْصَار عَن رُؤْيَته كَانَ هَذَا صفة مدح الثَّانِي أَنه تَعَالَى نفى أَن ترَاهُ جَمِيع الْأَبْصَار وَهَذَا يدل بطرِيق الْمَفْهُوم على أَنه يرَاهُ بعض الْأَبْصَار كَمَا أَنه إِذا قيل إِن قرب السُّلْطَان لَا يصل إِلَيْهِ كل النَّاس فَإِنَّهُ يُفِيد أَن بَعضهم يصل إِلَيْهِ وَالله أعلم وَالْجَوَاب عَن التَّمَسُّك بقوله ﴿لن تراني﴾ أَن هَذَا أَيْضا يدل على كَونه تَعَالَى جَائِزا مِنْهُ الرُّؤْيَة لِأَنَّهُ لَو كَانَ مُمْتَنع الرُّؤْيَة لقَالَ إِنَّه لَا يَصح رؤيتي أَلا ترى أَن من كَانَ فِي كمه حجر فَظَنهُ بَعضهم طَعَاما فَقَالَ لَهُ أَعْطِنِي هَذَا لآكله كَانَ الْجَواب الصَّحِيح أَن يُقَال هَذَا لَا يُؤْكَل أما إِذا كَانَ ذَلِك الشَّيْء طَعَاما يَصح أكله فَحِينَئِذٍ يَصح أَن يَقُول الْمُجيب إِنَّك لن تَأْكُله وَالْجَوَاب عَن قَوْلهم لَو صحت رُؤْيَته لرأيناه أَنا لَا نسلم أَن رُؤْيَة المحدثات وَاجِبَة الْحُصُول عِنْد حُصُول هَذِه الشَّرَائِط فَلم قُلْتُمْ إِن رُؤْيَة الله تَعَالَى وَاجِبَة الْحُصُول عِنْدهَا لِأَن رُؤْيَته تَعَالَى بِتَقْدِير حُصُولهَا مُخَالفَة لرؤية المحدثات وَلَا يلْزم من حُصُول حكم فِي شَيْء حُصُوله فِيمَا يُخَالِفهُ وَالْجَوَاب عَن قَوْلهم لَو كَانَ مرئيا لوَجَبَ كَونه مُقَابلا للرائي هُوَ أَنكُمْ إِن ادعيتم فِيهِ الضَّرُورَة فَهُوَ بَاطِل لأَنا فسرنا الرُّؤْيَة بِشَيْء يمْتَنع ادِّعَاء البديهة فِي امْتِنَاعه وَإِن ادعيتم الدَّلِيل فاذكروه

1 / 78