Aventin » وكنيسة «القديسة ماري كوسميدين
Santa-Maria-Cosmedin » الصغيرة القديمة العارية، تلك التي أثرت في أكثر من غيرها.
ثم رافقنا سفيرنا الممتاز طاهر العمري لمقابلة البابا بيوس الثاني عشر. وكنت مأخوذة إلى حد كبير عندما كنت أجتاز القاعات الفسيحة التي كانت تفصلنا عن المكتب الذي أدخلنا إليه. وفكرت في فرنسا وفي أصحابي الذين كانوا سيكونون سعداء لو كانوا معي. كنت شبه مضطربة عندما دخلت. الخيال الهزيل الأبيض، والوجه، كالثوب، أبيض كذلك، والعينان السوداوان اللتان كانتا تنظران إلي برفق ويشع منهما عمق وخصوبة الحياة الباطنية وتتألق الروحانية فيهما، هذا فضلا عن التلطف البسيط البعيد عن المراسم التافهة. صدمت؛ فالانفعال والاحترام كانا يسحقانني. ولم أستطع أن أتلفظ إلا بكلمتين أو ثلاث كلمات. أما طه ومؤنس، وكانا مثلي مأخوذين أيضا، فقد كانا أكثر اتزانا. وبدأت المحادثة، ولم ينس طه قط اللهجة التي قال بها بيوس الثاني عشر كلماته حين كان يودعنا: «سيدي، أريد أن أصلي من أجلك، ومن أجل أسرتك، ومن أجل بلدك.» كما أنه كلما تذكر هذه اللحظة، كان يتوقف دوما عند هذه العبارة: «لقد قال: من أجل بلدك».
أعرف أن الهجوم انصب ولا يزال ينصب على إنسان قيل عنه إنه متحفظ. هو الذي لم يكن يرفض أي يد تمتد إليه، إنسان لم يخش أن يستقبل وأن يحمي يهودا كانوا تحت الخطر. إنه لمن السخرية أن ألح على ذلك، ولست أملك أن أحكم على سلوكه بوصفه رئيسا للكنيسة، لكني أقول إنني لم ألتق بكثير من الشخصيات التي أثارت إعجابي إلى هذا الحد.
سافرنا في شهر نوفمبر إلى مدريد. لم تكن تلك أول رحلة لنا إلى إسبانيا؛ فقد سبق لنا أن جئنا إليها في عام 1948 بناء على دعوة من الجامعة. وكان طه قد تحدث في مدريد وفي غرناطة.
في غرناطة، أقمنا في سكن يقع على أكمات الحمراء. ودهشت إذ علمت أن جنود نابليون هم الذين زرعوا الأشجار الجميلة التي نعجب بها. لماذا هنالك، للأسف! ذكريات أخرى؟ لست أعني، بالتأكيد، أشجار السرو في حدائق قصر الحمراء، تلك الأشجار الخارقة. ذات يوم، بينما كنا نتنزه بعد الظهيرة بصحبة «جارثيا جوميز
Garcia-Gomez »
237
على الدرب الرائع فيما وراء الينابيع - وها هنا أيضا منظر في منتهى الجمال للينابيع - فوجئنا بنداء صادر عن صوت حاد داو، كان يمكن أن يكون صوت صبي يتسلى باللعب في حين أنه كان صوت المحامي الغرناطي الجاد. كان يختفي وراء الأشجار كما لو كان صبيا، ليفاجئنا. وهو الذي قال لي عندما كنا نذهب لتناول العشاء معا في أحد المطاعم، بدون تكلف: «كنت أظنني أسمع صوت عالم أو أستاذ، لكنني سمعت أستاذا معلما جليلا ...»
إن رعاية مضيفينا الطيبة وبساطتهم، والطريقة التي استقبلنا بها «لوسينا
نامعلوم صفحہ