Guy Lussac » وبيتهم في شارع «نافار
Navarre » سيرا على القدمين تحت وطأة هواء ثلجي كان يمزق لي وجهي، تناولني «شوري» وهو يفتح لي الباب وسحبني بعنف نحو المدفأة الوحيدة التي كانت مشتعلة قائلا لي: «تعالي بسرعة يا سوزان، فإنك زرقاء اللون!» شوري العزيز، ما أرهف مراعاتك وملاطفتك! لماذا قال لي عندما تركتهما (وإني لأتساءل بدوري أيضا) في حين كان يعانقني ، وبلهجة ظاهرها الغضب: «ولكن لماذا أحب هذه المرأة؟!»
بعد ستة عشر عاما جاءا لرؤيتنا في جاردونيه بعد حضورهما مؤتمرا في إيطاليا. وتحدث طه وشوري في دارتنا «بالسافواي
Savoy » خلال ثلاث ساعات دون توقف. كان طه قد أجرى عملية جراحية قبل سنتين، وكنت في منتهى السعادة لرؤيته في حالة جيدة وعلى قدر كبير من الصفاء الذهني، حتى إنه استطاع ذلك المساء أن ينزل معنا إلى غرفة الطعام.
كان كويري وطه يتمازحان بعفوية. ولقد ذكرتني «دو» في العام الماضي بمساء أحد الأيام عندما طلب طه إلى زوجها في القاهرة إلقاء محاضرات عن ديكارت، وكيف أن سعادة طه بلغت حدا بعد المحاضرة الأخيرة أن قال له: «إنني أرغب حقا في أن أجعلك تقوم بدورة محاضرات أخرى!»
فأجاب كويري: «آه! إنك لن تفعل بي هذه الفعلة!»
فقال طه: «أتعلم! عندما كنا نعمل في الصحافة لم تكن تعنينا هذه الفعلة في شيء!»
لم نلتق بعد ذلك «شوري»، وكنت أتحدث مع «دو» عنه وعن طه، وكانت «دو» مكتئبة دوما؛ لأنها لم تنس وطنها الأصلي روسيا. وقد قالت لي في الأيام الأولى من صداقتنا: «إذا أراد الله أن يعاقب الإنسان فإنه ينفيه من وطنه.»
لقد عثرت في فرنسا على وطن جعلت منه وطنها على نحو كامل، غير أنها لن تلقى «شوري» ثانية على هذه الأرض.
كان علي أن أعثر على وسيلة للعودة إلى مصر، ولم يكن هناك سوى عمليات نقل الفرق الإنجليزية وترحيلها، وكانوا يقبلون ببعض المدنيين بناء على توصيات خاصة. وكان «سمارت
نامعلوم صفحہ