117

وكان هناك آخرون أيضا. ولن أنسى الجندي الإنجليزي الصغير المسكين الذي كان في أوج الفرح برغم مرضه وهو يعلن لي: «سأرحل غدا.» •••

لم يكن طه يجد وقتا كافيا لمجرد كتابة الكتب - وكان قد أصدر كتابه السابع والثلاثين - أو التحدث في الإذاعة، فأصدر مجلة «الكاتب المصري». كانت هذه المجلة تستجيب للهدف الذي لم يتخل عنه قط، وهو أن يقيم أكثر ما يمكن القيام به من الصلات بين الثقافة الغربية ومصر والعالم العربي.

198

وجاء إلى المجلة بكل الشباب الذين أرادوا التعاون معه، وأطلق جيشا من المترجمين من عدة لغات، وتدبر - يساعده في ذلك إتيامبل إلى حد كبير - أمر الحصول على نصوص غير منشورة من الكتاب المعاصرين كانت تترجم على الفور. كانت المقالات كثيرة، وكان المثقفون والناس الذين يحبون القراءة معجبين بها. ولقد قيل لي غالبا إنه كان ثمة آنذاك حركة تنطلق نحو الأمام، وإنها كانت حركة خصبة. لكن ذلك لم يكن يروق للقصر، فكفت «الكاتب» عن الصدور في عام 1948.

كان كتاب «المعذبون في الأرض» قد نشر كمقالات. أما نشر الكتاب فقد منع. ثم تم نشره في لبنان في عام 1949.

كان ولداي يكتبان من حين إلى آخر. وبما أن ابنتي قد غدت مدربة على الكتابة؛ فقد أقدمت على إلقاء محاضرة كان عنوانها «أحداث الساعة»؛ بدأت قراءة نصها بسرعة كبيرة بسبب خجلها واضطرابها الكامل، وظلت على هذا النحو عشرين دقيقة، ثم ما لبثت أن استعادت رباطة جأشها واستطاعت المضي على نحو جيد حتى النهاية. كنت أجدها جميلة في ثوبها الكحلي الذي كان يضيئه قميص أبيض وزهرة كاميليا.

وكان علينا أن نقوم بتنظيم سفر مؤنس الذي لم يتخل عن هدفه في تحضير شهادة الأستاذية برغم تأخره أربع سنوات. كانت الحكومة الفرنسية قد قبلته في معهد المعلمين العالي بوصفه طالبا أجنبيا، وكنت مضطرة لاصطحابه لأنني كنت أستعجل عناق أمي.

لم يكن ثمة مجال لقضاء إجازة كاملة في تلك السنة.

199

وقد قضينا عدة أيام في فندق ميناهاوس

نامعلوم صفحہ