45

فقالت زينب: إذن فماذا يمسكنا هنا؟

فقال: أنت تعرفين أني شاركت في تجارة أبي سفيان بكل أموالي، ولو خرجنا الآن إلى يثرب لذهبنا إليها بيد فارغة وفرحت قريش بالأموال ولم يهمها خروجنا. وماذا نصنع بولدينا هذين: علي وأمامة؟ وماذا نصنع بالجنين الذي سنسعد بوفادته إلينا بعد قليل؟ لا تقلقي يا زينب حتى يعود أبو سفيان وعند ذلك سنهاجر إلى يثرب كما تشائين. لن يطول غياب أبي سفيان، فموعد عودته بعد أيام.

وما كاد أبو العاصي يتم حديثه حتى قرع سمعه صوت يصيح من بعيد صيحة فزع عالية، فقام مسرعا وقالت له زينب: ما لك أنت بهذه المعارك التي تثور كل يوم يا أبا العاصي؟

فقال وهو يجمع عليه ثوبه: ليس هذا صوت معركة. إنه صريخ ينادي بكارثة.

وأسرع خارجا، ووقفت زينب ترهف سمعها إلى الصوت فإذا هو يعيد نداءه في فزع: «الغوث! الغوث! أدركوا تجارتكم يا معشر قريش!»

وتهالكت زينب على الأريكة خائرة القوى، لا خوفا على أموال زوجها بل خوفا على الأمنية التي كانت تتمناها. فلن يقعد أهل مكة عن الخروج لمساعدة أبي سفيان، ولن يستطيع أبو العاصي أن يتخلف عن الخروج.

وبعد ساعة قصيرة عاد أبو العاصي إلى بيته ليستعد للسير من ليلته مع شباب مكة وكهولها وشيوخها، فقد تعاهدوا جميعا على الذهاب لنجدة أبي سفيان وتخليص أموالهم من العدو الذي يحاول أخذها.

وسألت زينب في فزع: ومن يكون ذلك العدو يا أبا العاصي؟

فقال في تردد: أبوك يا زينب.

وصمتت زينب فلم تجبه بكلمة، وصمت أبو العاصي فلم يقل كلمة، وأخذ يستعد بسلاحه ودرعه حتى يخرج مع أهل مكة بعد ساعة.

نامعلوم صفحہ