مع العرب: في التاريخ والأسطورة
مع العرب: في التاريخ والأسطورة
اصناف
12
وتابع الحارث رحيله حتى أتى دياره، فأحضر الإبل والغنم، وهيأ الطعام، ودعا الناس، ثم فرغ ليخلو بعروسه.
فجبهته بقولها: أما عندك، يا رجل، مروءة تنهاك، وشرف يردعك؟
فجمد في مكانه لا يحير، ثم استجمع نفسه فقال لها: قد ترين أني أحضرت من المال ما يرضيك، وملأت قصاع الطعام ودعوت الجموع الحاشدة، فماذا بعد هذا تريدين؟ ولم تعرضين بمروءتي وشرفي وأنا السيد الكريم؟
أجابت: أي سيد؟! وأي كريم؟! تفرغ للنساء، والعرب يقتل بعضها بعضا؟! هذه عبس أوشكت أن تفني ذبيان، وتلك ذبيان توشك أن تفني عبسا، والأرض تحتج للدم المراق، اخرج إلى القوم فامش بينهم بالصلح، وانههم عن هذا السفه، ويومئذ أنت السيد الكريم!
فخرج الحارث يتفصد جبينه عرقا.
ولقيه خارجة بن سنان فسأله: لعلك بنيت بأهلك يا حارث؟
فكان جوابه: لا والله.
فدهش خارجة، وقال: ولم يا حارث؟ - ما رأيت كاليوم فتاة عرضت بمروءتي وشرفي لأني أفرغ للنساء، والعرب يقتل بعضهم بعضا. - أما قلت لك إن في هذه الفتاة همة وعقلا؟ فماذا أنت فاعل؟ - وهل بقي، يا خارجة، سبيل إلا أن أمشي إلى عبس، وإلى ذبيان، فأسعى بالصلح بينهما؟! - وإني أعرف لك شريكا في هذه المحمدة هو هرم بن سنان، فلقد أقسم بأن يدفع من ماله ديات القتلى إذا كفت القبيلتان عن الحرب ...
قال الحارث: لعلهم استقلوا الديات، فأنا أدفع من مالي فتضاعف دية كل قتيل ونحقن الدماء.
نامعلوم صفحہ