77

المبسوط

المبسوط

ناشر

مطبعة السعادة

پبلشر کا مقام

مصر

اصناف

فقہ حنفی
ﷺ «مَنْ ضَحِكَ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى قَرْقَرَ فَلْيُعِدْ الْوُضُوءَ، وَالصَّلَاةَ»، وَتَرَكْنَا الْقِيَاسَ بِالسُّنَّةِ.، وَالضَّحِكُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَيْسَ فِي مَعْنَى الضَّحِكِ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ حَالَ الصَّلَاةِ حَالَ الْمُنَاجَاةِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى فَتَعْظُمُ الْجِنَايَةُ مِنْهُ بِالضَّحِكِ فِي حَالِ الْمُنَاجَاةِ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ، وَكَذَلِكَ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ، وَالْمَخْصُوصُ مِنْ الْقِيَاسِ بِالنَّصِّ لَا يَلْحَقُ بِهِ مَا لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. قَالَ (وَلَا يَنْقُضُ النَّوْمُ الْوُضُوءَ مَا دَامَ قَائِمًا، أَوْ رَاكِعًا، أَوْ سَاجِدًا، أَوْ قَاعِدًا، وَيَنْقُضُهُ مُضْطَجِعًا، أَوْ مُتَّكِئًا، أَوْ عَلَى إحْدَى أَلْيَتَيْهِ) أَمَّا نَوْمُ الْمُضْطَجِعِ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ عَيْنَهُ حَدَثٌ بِالسُّنَّةِ الْمَرْوِيَّةِ فِيهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ طَاهِرًا ثَابِتٌ بِيَقِينٍ، وَلَا يُزَالُ الْيَقِينُ إلَّا بِيَقِينٍ مِثْلِهِ، وَخُرُوجُ شَيْءٍ مِنْهُ لَيْسَ بِيَقِينٍ فَعَرَفْنَا أَنَّ عَيْنَهُ حَدَثٌ، وَالثَّانِي، وَهُوَ: أَنَّ الْحَدَثَ مَا لَا يَخْلُو عَنْهُ النَّائِمُ عَادَةً فَيُجْعَلَ كَالْمَوْجُودِ حُكْمًا فَإِنَّ نَوْمَ الْمُضْطَجِعِ يَسْتَحِكُمْ فَتَسْتَرْخِي مَفَاصِلُهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِقَوْلِهِ «الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ فَإِذَا نَامَتْ الْعَيْنَانِ اسْتَطْلَقَ الْوِكَاءُ». وَهُوَ ثَابِتٌ عَادَةً كَالْمُتَيَقِّنِ بِهِ، وَكَانَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَقُولُ: لَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِالنَّوْمِ مُضْطَجِعًا حَتَّى يَعْلَمَ بِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ، وَكَانَ إذَا نَامَ أَجْلَسَ عِنْدَهُ مَنْ يَحْفَظُهُ فَإِذَا انْتَبَهَ سَأَلَهُ فَإِنْ أُخْبِرَ بِظُهُورِ شَيْءٍ مِنْهُ أَعَادَ الْوُضُوءَ، وَالْمُتَّكِئُ كَالْمُضْطَجِعِ؛ لِأَنَّ مَقْعَدَهُ زَائِلٌ عَنْ الْأَرْضِ فَأَمَّا الْقَاعِدُ إذَا نَامَ لَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ، وَقَالَ مَالِكٌ ﵀ إنْ طَالَ النَّوْمُ قَاعِدًا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَحُجَّتُنَا حَدِيثُ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ «نِمْتُ قَاعِدًا فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى وَقَعَ ذَقَنِي عَلَى صَدْرِي فَوَجَدْت بَرْدَ كَفٍّ عَلَى ظَهْرِي فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقُلْت أَعَلَيَّ فِي هَذَا وُضُوءٌ؟ فَقَالَ: لَا حَتَّى تَضْطَجِعَ»، وَلِأَنَّ مَقْعَدَهُ مُسْتَقِرٌّ عَلَى الْأَرْضِ فَيَأْمَنُ خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْهُ فَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ كَمَا لَوْ لَمْ يُطِلْ نَوْمَهُ. فَأَمَّا إذَا نَامَ قَائِمًا، أَوْ رَاكِعًا، أَوْ سَاجِدًا لَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ ﵁ يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ لِحَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُنَا إذَا كُنَّا سَفْرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَيَالِيهَا إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ لَكِنْ مِنْ بَوْلٍ، أَوْ غَائِطٍ، أَوْ نَوْمٍ» فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّوْمَ حَدَثٌ إلَّا أَنَّا خَصَّصَنَا نَوْمَ الْقَاعِدِ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ فَبَقِيَ مَا سِوَاهُ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ، وَلِأَنَّ مَقْعَدَهُ زَائِلٌ عَنْ الْأَرْضِ فِي حَالِ نَوْمِهِ فَهُوَ كَالْمُضْطَجِعِ. (وَلَنَا) حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ نَامَ قَائِمًا، أَوْ رَاكِعًا، أَوْ سَاجِدًا إنَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ

1 / 78