قال: قلت لا.
فقال عروة: فإن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها حدثتني أن أباه كان ملك قومه وكان له أخ من صلبه له اثنا عشر رجلا ولم يكن لأب النجاشي ولد غيره، فأدارت الحبشة رأيها بينها فقالوا: لو أنا قتلنا [أبا] النجاشي وملكنا أخاه فإن له اثني عشر رجلا من صلبه فتوارثوا الملك لبقي ملك الحبشة عليهم دهرا طويلا لا يكون بينها اختلاف فعدوا عليه فقتلوه وملكوا أخاه.
ودخل النجاشي على عمه حتى غلب عليه، يعني غلب على أمره في الرأي، فلا يدبر أمره غيره وكان لبيبا.
فلما رأت الحبشة مكانه من عمه قالوا: لقد غلب هذا الغلام على أمر عمه، فما نأمن أن يملكه علينا وقد عرف أنا قد قتلنا أباه، فإن فعل لم يدع منا شريفا إلا قتله فكلموه فيه فليقتله أو ليخرجه من بلادنا، فمشوا إلى عمه فقالوا: قد رأينا مكان ابن أخيك منك وقد عرفت أنا قد قتلنا أباه وجعلناك مكانه وإنا لا نأمن أن تملكه علينا فيقتلنا، فإما أن تقتله وإما أن تخرجه من بلادنا.
فقال: ويحكم قتلتم أباه بالأمس وأقتله اليوم؟ بل أخرجوه من بلادكم فخرجوا به، فوقفوه بالسوق فباعوه من تاجر من التجار فقذفه في سفينته بستمائة درهم أو بسبعمائة درهم فانطلق به.
فلما كان العشاء هاجت سحابة من سحاب الخريف فخرج عمه يتمطر تحتها وفي رواية يستمطر تحتها ، فأصابته صاعقة فقتلته، ففزعوا إلى ولده فإذا هم محمقون ليس في أحد منهم خير، فمرج على الحبشة أمرهم، فقال بعضهم لبعض:
صفحہ 156