واعد الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة أن يأتوا العام المقبل، ورجعوا إلى المدينة وكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم رجلا من أصحابه يفقههم في الدين، فبعث إليهم مصعب بن عمير فأسلم على يديه سعد بن معاذ وأسيد بن حضير، وذلك أنه خرج مع أسعد بن زرارة إلى حائط من حوائط بني النجار ومعهما رجال من المسلمين فبلغ ذلك سعد بن معاذ فقال لأسيد بن حضير: ائت هذا الرجل فلولا أنه مع أسعد بن زرارة وهو ابن خالتي كنت أنا أكفيك شأنه، فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم خرج حتى أتى مصعبا فوقف عليه متشتما، وقد كان قال أسعد لمصعب حين نظر إليه أسيد: هذا سيد من سادات قومي، فتكلم أسيد بكلام فيه بعض الغلظة، فقال له مصعب: أو تحبس فتسمع، فإن سمعت خيرا قبلته وإن كرهت شيئا أعفيناك عنه.
قال أسيد: ما بهذا بأس، ثم ركز حربته وجلس.
فتكلم مصعب بالإسلام، وتلا عليه القرآن، قال أسيد: ما أحسن هذا القول ثم أمره فتشهد شهادة الحق وقال له: تغتسل وتطهر ثوبك وتركع ركعتين ففعل ثم رجع إلى بني عبد الأشهل وثبت أسعد ومصعب مكانهما.
فلما رآه سعد بن معاذ مقبلا قال: أحلف بالله لقد رجع إليكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم.
فلما وقف عليه قال له سعد: ما وراءك؟ قال: كلمت رجلين فكلما في بكلام رقيق وزعما أنهما سيتركان ذلك، وقد بلغني أن بني حارثة سمعوا بمكان أسعد فاجتمعوا لقتله وإنما يريدون بذلك إخفارك وهو ابن خالتك، فإن كان لك به حاجة فأدركه.
صفحہ 248