((لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام)) قال النووي تختصوا بإثبات التاء في الأول بين الخاء والصاد وبحذفها في الثاني هكذا وقع في أصول نسخ مسلم (¬9). ليلة الجمعة مفعول به وكذا يوم الجمعة ((إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم)) ذكر في شرح المشكاة تقديره إلا أن يكون يوم الجمعة واقعا في يوم صوم يصومه أحدكم وذلك بأن كان نذر أن يصوم يوم يلقى حبيبه فوافق يوم الجمعة (¬10) أقول على هذا يلزم أن يكون يوم الجمعة مظروفا ليوم الصوم وهو غير مستقيم. والوجه أن يقال الضمير في يكون عائدا إلى مصدر لا تختصوا. قال الإمام الطيبي سبب النهي إن الله إستأثر يوم الجمعة بعبادة (¬1) فلم ير أن يخصه العبد بشيء من الأعمال سوى ما خصه الله به (¬2) وقال النووي سببه أن يوم الجمعة يوم عبادة وتبكير (¬3) إلى الصلاة وإكثار ذكر ويوم غسل فاستحب الفطر فيه ليكون أعون على هذه الوظائف وأدائها بلا سآمة (¬4) كما إستحب الفطر للحاج يوم عرفة (¬5). (فإن قلت) لو كان كذلك لما زال الكراهة بصوم يوم (¬6) قبله أو بعده (أجيب عنه) بأن يوم الجمعة وإن حصل فتور في وظائفه بسبب صومه لكن يمكن أن يحصل له بفضيلة الصوم الذي قبله أو بعده ما ينجبر ذلك به (¬7).
وقال شارح (¬8) إحكام الأحكام سببه أن هذا اليوم كان له فضيلة جدا على الأيام وكان (¬9) الداعي إلى صومه قويا فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه حذرا أن يلحقه العوام بالواجبات بتتابعهم على صومه إلى هنا كلامه (¬10) لكن يرد عليه النقض بيوم عرفة وعاشوراء فإنه يندب (4/أ) صومهما ولايلتفت إلى هذا الإحتمال البعيد وأنت خبير بأن هذه الأقوال بيان أسباب النهي عن تخصيص يوم الجمعة دون تخصيص ليلته.
وقال الشيخ المظهر (¬11) إنما نهى عن تخصيصهما تحذيرا عن موافقة اليهود والنصارى لأنهم كانوا يعظمون يوم السبت والأحد بالصيام وليلتهما بالقيام زاعمين أنهما أعز أيام الأسبوع فاستحب أن تخالفهم في طريق تعظيم ما هو أعز الأيام وهو يوم الجمعة (¬12).قال النووي في الحديث نهي صريح عن تخصيص ليلة الجمعة بصلاة (¬13). إحتج به (4/ب) العلماء على كراهية الصلاة المبتدعة التي تسمى الرغائب (¬14) قاتل الله واضعها وقد صنف الأئمة مصنفات في تقبيحها وتضليل مبتدعها أكثر من أن يحصى (¬15).
صفحہ 60