مبرهنہ فرما آخری
مبرهنة فيرما الأخيرة: المعضلة التي حيرت عباقرة الرياضيات لقرون
اصناف
والأمر نفسه ينطبق على الحياة؛ فالبعض يتأثرون بحب الثروة، بينما يندفع آخرون دون تفكير وراء حمى القوة والسيادة. أما النوع الأرقى من البشر، فيكرس نفسه لاستكشاف معنى الحياة نفسها وغايتها. إنه يسعى إلى الكشف عن أسرار الطبيعة. وهذا النوع من البشر هو من أدعوهم بالفلاسفة، فبالرغم من أنه ما من إنسان حكيم تماما في جميع النواحي، فهو يحب الحكمة بصفتها هي المفتاح لأسرار الطبيعة.
وبالرغم من أن الكثيرين كانوا يعرفون بطموحات فيثاغورس، فإنه لم يعرف أحد من خارج الأخوية تفاصيل نجاحه أو مداه. فقد كان على جميع أعضاء المدرسة أن يقسموا على ألا يبوحوا للعالم الخارجي بأي من اكتشافاتهم الرياضية. وحتى بعد وفاة فيثاغورس، أغرق أحد أعضاء الأخوية إذ حنث في قسمه وأعلن اكتشاف مجسم منتظم جديد؛ هو متعدد الأوجه الاثني عشري، الذي يتشكل من اثني عشر مخمسا منتظما. وهذه السرية الشديدة التي اتسمت بها الأخوية الفيثاغورسية كانت سببا في تشكل الأساطير بشأن ما قد يكونون مارسوه من طقوس غريبة، وهي السبب أيضا في قلة الروايات التي يمكن الوثوق بها بشأن إنجازاتهم الرياضية.
ما نعرفه على وجه اليقين هو أن فيثاغورس قد أرسى بعض الأخلاقيات التي غيرت من مسار الرياضيات. كانت الأخوية مجتمعا دينيا بالفعل، وكانت «الأعداد» من معبوداتهم. فقد كانوا يؤمنون بأن فهم العلاقات الموجودة بين الأعداد سيمكنهم من الكشف عن الأسرار الروحانية للكون، ويقربهم من الآلهة. وقد ركزت الأخوية انتباهها على دراسة الأعداد الصحيحة على وجه التحديد (1، 2، 3، ...) والكسور. إن «الأعداد الصحيحة» مع الكسور (النسب بين الأعداد الصحيحة) تشكلان معا ما يعرف باسم «الأعداد النسبية». ومن بين ذلك العدد اللانهائي من الأعداد، كانت الأخوية تولي أهمية خاصة لبعض هذه الأعداد الأكثر تميزا التي كانت تعرف باسم الأعداد «المثالية».
كان فيثاغورس يرى أن المثالية العددية تتوقف على قواسم العدد، وهي الأعداد التي تقبل القسمة على العدد الأصلي دون باق. فقواسم العدد 12 على سبيل المثال، هي 1 و2 و3 و4 و6. وحين يكون مجموع قواسم العدد أكبر من العدد نفسه، يسمى العدد «عددا زائدا». ومن ثم؛ فإن العدد 12 هو عدد زائد؛ لأن مجموع قواسمه يساوي 16. وعلى العكس من ذلك، حين يكون مجموع قواسم العدد أصغر من العدد نفسه، فإنه يسمى «عددا ناقصا»؛ ومن ثم فالعدد 10 عدد ناقص؛ لأن مجموع قواسمه: 1 و2 و5، يساوي 8 فقط.
أما الأكثر أهمية وندرة بين الأعداد، فهي تلك الأعداد التي يكون مجموع قواسمها مساويا للعدد نفسه، وتعرف باسم «الأعداد المثالية». فقواسم العدد 6 على سبيل المثال، هي 1 و2 و3؛ إذن فهو عدد مثالي؛ لأن 1 + 2 + 3 = 6. والعدد المثالي التالي له هو 28؛ لأن 1 + 2 + 4 + 7 + 14 = 28.
وإضافة إلى أهميتها الرياضية لدى الأخوية، فقد كانت مثالية العددين 6 و 28 من الأمور التي أدركتها بعض الثقافات الأخرى التي لاحظت أن القمر يدور حول الأرض مرة كل 28 يوما، وأعلنت أن الإله قد خلق العالم في 6 أيام. ففي كتاب «ذا سيتي أوف جاد» (مدينة الإله)، يحاجج القديس أوجستين بأن الإله كان قادرا على خلق العالم في لحظة واحدة، لكنه قرر أن يخلقه في ستة أيام ليدلل على مثالية الكون. وأشار القديس أوجستين إلى أن مثالية العدد 6 لا تعود إلى اختيار الإله له، بل هي طبيعة جوهرية في العدد نفسه: «العدد 6 مثالي في حد ذاته وليس لأن الإله قد خلق كل شيء في ستة أيام، بل عكس ذلك هو الصحيح؛ أي إن الإله قد خلق كل شيء في ستة أيام؛ لأن هذا العدد مثالي، وكان سيظل مثاليا حتى وإن لم تخلق الأشياء كلها في ستة أيام.»
ومع زيادة الأعداد الصحيحة في الضخامة، يصبح العثور على الأعداد المثالية أمرا أصعب؛ فالعدد المثالي الثالث هو 496، والرابع هو 8128، والخامس 33550336، والسادس هو 8589869056. وإضافة إلى حقيقة أن هذه الأعداد تساوي مجموع قواسمها، لاحظ فيثاغورس أن جميع الأعداد المثالية تتسم بالعديد من الخصائص الأنيقة، ومنها على سبيل المثال أن الأعداد المثالية دائما ما تساوي مجموع سلسلة من الأعداد الصحيحة المتتالية. فنجد أن:
6 = 1 + 2 + 3,
28 = 1 + 2 + 3 + 4 + 5 + 6 + 7,
496 = 1 + 2 + 3 + 4 + 5 + 6 + 7 + 8 +9 + + 30 + 31,
نامعلوم صفحہ