Mabahith fi al-Tafsir al-Mawdhu'i

Mustafa Muslim d. 1442 AH
133

Mabahith fi al-Tafsir al-Mawdhu'i

مباحث في التفسير الموضوعي

ناشر

دار القلم

ایڈیشن نمبر

الرابعة ١٤٢٦ هـ

اشاعت کا سال

٢٠٠٥ م

اصناف

الدليل الأول: حالة الاضطرار ومهما حاول الإنسان أن يطمس هذه الحقائق من فطرته، أو يحول بينها وبين الالتجاء إلى خالقها فإنه لن يجد إلى ذلك سبيلًا وبالأخص في أوقات الشدة والاضطرار: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ، مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ، وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾ [الروم: ٣٠-٣٣] . وقد أشار القرآن الكريم في جملة من الآيات الكريمة إلى هذه الحقيقة وجعلها دليلًا على توحيد الله ﷾ نابعًا من أعماق النفس البشرية. يقول الله تعالى: ﴿وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ، وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ، وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ، ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾ [النحل: ٥١-٥٤] ١. إن من شأن الفطرة السليمة أن لا تغفل عن خالقها ورازقها في سائر أحوالها وأن تتوجه إليه بالدعاء والشكر رغبة ورهبة في عامة شئونها، إلا أن أهل الانحراف من شأنهم الإشراك بالله في السراء والالتجاء إليه وحده عند إصابتهم الضراء. يقول تعالى في سورة يونس: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ، فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا

١ الواصب: الدايم. أي حق الإنسان أن يطيعه في جميع أحواله. مفردات الراغب: ٨٢٣. قال الفراء: "وله الدين واصبًا": معناه دائمًا يقال: وصب يصيب: دام ويقال: خالصًا" معاني القرآن: ٢/ ١٠٤.

1 / 144