ويسمى العير، والفرا وهو لا ينزو إلا إذا بلغ ثلاثين شهرًا، ويوصف بشدة الغيرة وهو يحمي عانته الدهر كله، ويضرب فيها كضربه لو أصاب إناثًا من غيرها ويقال أن الأنثى إذا ولدت جحشًا كدم الذكر قضيبه فالإناث تعمل الحيلة في الهرب به عنه حتى يسلم وهذا حتى لا يكون في العانة ذكر غيره، وحكى الجاحظ: أن أبا الأخضر ذكر عن فحل العانة أنه يستبهم مواضع الذرء ويجهلها، وإن الولد لم يجيء منه عن طلب، ولكن النطفة البريئة عن الاسقام انتجت. وذكر أن نزوه على الإناث من شكل نزوه على الذكر من نوعه، وإنما ذلك على قدر ما يحضره من الشبق لأنه لا يلتفت إلى دبر من قبل، ولا إلى ما يلقح مما لا يلقح، فلا هو يريد الولد، ولا يعزل ويقال: إن الحمار الوحشي يعمر مائتي سنة وأكثر، وكلما بلغ مائة سنة صارت له مبولة ثانية، وشوهد منها ما له ثلاث مباول وأربع، وهو كشكل المصير المحشو بين المبولة والمبولة، حتى كان بينهما حاجزًا مشدودًا ومعادنه بلاد النوبة وزغاوة ويوجد منها ما يكون مسنة معمدة ببياض وسواد مستطيلان فيما استطال من أعضائه، ومستديران فيما استدار بأصح قسمة، وأحسن ترتيب ومن الحمر الوحشية صنف يسمى الأخدري، وهي أطول الحمر عمرًا، ويقال: أنه من نتاج الأخدر، وهو فرس لاردشير بن بابك أفلت من خيله فصار وحشيًا فحمي عدة عانات فضرب فيها فجاءت أولاده منها أعظم من سائر الحمر وأحسن وخرجت أعمارها عن أعمار الخيل، وفي هذه الحكاية نظر لذوي الفكر لأنه لا يكون على نوعين مختلفين من الحيوان حيوان يشبه أحدهما، وإنما يكون ممتزجًا كالبغل بين الحمار والفرس، والسمع بين الضبع والذئب، وحكى القولين أبو علي بن رشيق في كتاب العمدة.
الوصف والتشبيه
قال الشماخ من أبيات يصف عيرًا في غابة:
فواجهها قوارب فاتلأبت ... شطر ثانيله مثل القنا المتأودات
يعض على ذوات الضعن منها ... كما عض الثقاف على القناة
وهن يثرن بالمعزاء.. نقعًا ... ترى لهن. . . سرادقات
وقال عبد الكريم النهشلي يصف حمارًا أخدريًا:
واضرح صلصال لا خدر ينتمي ... أمين الفصوص لم يدمث له ظهر
كأن العيون الكحل صيغت بجلده ... فنافس فيها فهي مسطورة حرز
تولع منه الجلد حتى كأنما صبا ... حًا وليلًا فيه حظهما قدر
كأن الجمارة الصلبة قدرت فجاءت ... لها وفقًا حوافره الحفر
إذا احتال واستولى به رديانه ... توالى صغير منه ترجيعه زمر
ومن رسالة كتبها أبو الفرج الببغاء يصف فيها أتانا معمدة ببياض وسواد كان صاحب اليمن أهداها لبختيار: وأما الاتان الناطقة، في كمال الصنعة، بأفصح لسان فإن الزمان لاطف مولانا أيده الله تعالى منها بأنفس مذخور، وأعجب مرئي، وأغرب موشى، وأفخر مركوب، واشرف محبوب، وأعجز موجود وأبهى مخدود، كأنما وسمها الكمال بنهايته، والحظها الفلك بعنايته، فصاغها من ليله ونهاره، وحلاها بنجومه وأقماره، ونقشها ببدائع ثاره، ورمقها بنواظر سعوده، وجعلها أحد جدوده، ذات أهاب مسير، وفراء محبر، وذنب مشجر وشوى مسور ووجه مرجح ورأس متوج، تكتنفه إذنان كأنهما زجان، سبجية الأنصاف، بلورية الأطراف جامعة شيتها بالترتيب، بين زمن الشبيبة والمشيب، فهي قيد الأبصار وأمد الأنكار ونهاية الاعتبار غني عن الحلي عطلها مزرية بالزهر حللها واحدة جنسها وعالم نفسها صنعة المنشئ الحكيم وتقدير العزيز العليم.
القول في طبائع الوعل
1 / 44