كان في بطنه دود أكل السنبل ثم يقيئه، فيرميه معه ما في بطنه من الدود ومن الأمراض الذبحة، والنقرس، والجرب، والهزال، وحدوث قروح لا تبرأ، والكلب إذا أصابه الكلب، وعض إنسانا أصاب الإنسان نباح مثله وألحقته العضة باجراء صغار يراها علقا في صورة الكلاب، والفأر المعضوض ليبول عليه، ومتى بال عليه مات، وتعرف سلامة المعضوض من عطبه أنه يرى وجهه في المرآة، فإن رأى صورته فلا بأس عليه، وإن رأى فيها صورة كلب فجزع، وحرص على الهرب فإنه وشيك الموت، وقد يعالج بأنفحة الكلاب يسقاها مع الماء فيبرأ
في فصل ما يختص به الكلب السلوقي من الطباع
سبب نتاج الكلب السلوقي على ما حكاه أصحاب الكلام في الكلبزة: أن الكلاب تسفد الذئاب في سلوقية من أرض اليمن فيتولد بينهما السلوقي، وقال آخرون الثعالب والكلب السلوقي، ويقال سلوق مدينة إلى الآن وإليها تنسب الدروع والكلاب، وله نفس متولعة بتناول ما يرسله عليه أهله، ويطلبه بالإحضار خلفه حتى يدركه فيأخذه لهم لأن حرصه على الصيد، وغضبه ليس من أجل نفسه كما يغضب الفهد لأن الجوارح تعمل لأنفسها إلا الكلاب، فإنها تعمل لأصحابها، وهي إذا كثرت عليها الآثار أو اختلطت تلتفت لذلك، وتذهب في كل وجهة، حتى تستثبت، الأثر وتتحقق جهته وذلك من حرصها على مطاوعة أربابها، واستعدادها لنكاية أعدائه، ومسارعتها إلى تحصيل غرضه الذي أسلاها بسببه، ومن أعجب الأحوال فيه أنه إذا عاين الظباء قريبة منه كانت أو بعيدة عنه، عرف المقبل من المدبر، وعرف العنز من التيس، وإذا أبصر القطيع لم يقصد غير التيس لعلمه أنه إذا عدا شوطين لم يستطع البول مع شدة الحضر ورفع القوائم معا فينتقص مدى خطاه، ويعتريه البهر فيلحقه الكلب والمعزى إذا اعتراها البول في العدو لم تمسكه وقذفت به لسعة المسلك، ولأجل ذلك لا يطلبها، ومن عجيب أمره أنه يعرف الميت من المتماوت حتى يقال: إن الروم لا تدفن ميتا حتى يعرضونه على الكلاب فتظهر من شمه إياه علامة يستدلون بها على حياته أو موته، ويقال أن هذا الحذق لا يوجد إلا في الكلب القلطي وهو صغير الجرم قصير القوائم جدا ويسمى أيضا الصيني وهو مع هذا لا يبلغ رتبة الذئب في الشم والاسترواح، وإناث الكلاب السلوقية أسرع تعلما من الذكور، والفهد بالعكس، وهذا النوع يعيش عشرين سنة على ما زعم أرسطو وربما تبلغ الإناث هذا السن، ودلائل النجابة والفراهة في الكلاب السلوقية أما في الخلقة فطول ما بين اليدين والرجلين، وقصر الظهر وصغر الرأس وطول العنق، وغضف الأذنين، وبعد ما بينهما، وسعة العينين، وبعد ما بينهما وزرقة العين ونتوء الجبهة وعرضها وقصر اليدين أما الألوان فيقال: السوداء أقل صبرا على الحر والبرد، والبيض أفره إذا كن سود العيون، وقد قال قوم أن السود أصبر على البرد وأقوى، وكذا كل أسود من الحيوان، ودلائل الفراهة في الجراء، إذا ولدت كلبة واحدا كان افره من أبويه وإن ولدت ذكرا أو أنثى كان الذكر أفره، وإن ولدت ثلاثا فيها أنثى في شبه الأم، كانت أفره الثلاثة، وإن كان في الثلاثة ذكر واحد فهو أفرهها.
الوصف والتشبيه
الأحسن في أوصاف الكلاب الأهلية على أن الناس قد نظموا في هذا كثيرا لا سيما العرب، فإنهم أهل الطعام وإكرام، وكانوا يسمون الكلب هادي الضمير وداعي الضيف، ومتهم النعم، ومشيد الذكر، بما يجلب من الأضياف بنباحه، والضمير: القريب من قولهم أضمرته البلاد أي غيبته وكانوا إذا اشتد البرد وهبت الرياح ولم تثبت النيران فرقوا الكلاب حول بيوتهم، وجعلوا لها مطاول، وربطوها على العمد لتتوحش فتهدي الطلاب بنباحها، وقال ابن هرمة في هذا المعنى وقد أهدى كلبا:
أوصيك خيرا به فإن له ... سجية لا أزال أحمدها
1 / 26