وفى تلك الأيام، كان النائب محمود ميرزا الأفغانى- وعلى الوضع الذى وضحته السطور السابقة- مقيما فى منزل كاشان طبقا لحكم خديو العصر، فدون العريضة بقلم التمنى، وطلب من مسئولى الدولة تخليص ملكه الموروث والتوجه صوب مقصوده، فقبل الحضرة العلية مأمله، ومنحه الإذن بالانصراف، وصدرت الأحكام المطاعة بافتخار حكام خراسان [ص 45]، وذلك بأن يضعوا قدم الجد والكد على طريق الهمة لإعانة ومعاونة الأمير، وأن يحصلوا على ملكه الموروث، ويسلموه فى يديه، ومن ناحية رعاية الضيف عين له مضيفا حتى يحمله فى عزة إلى دار العبادة يزد، وسوف تدون كيفية أحواله بعد هذه السطور. وفى خلال هذه الأحوال، عرض واقفو العتبة الجليلة فى منزلة العرش المشبه بالفلك بأن جعفر قلى خان الدنبلى هارب كالخفاش من شعاع شمس الإقبال فى أثناء التوقف بآذربيچان، ومختفى فى ظلمة خبايا جبل" ماكو"، ويعيش كلاجئ فى حماية أكراد يزيدى وشكاك خوفا على روحه، وقد تجرأ جعفر قلى خان لسماعه بخبر فتنة حسين قلى خان، فحمل معه فوجا من أكراد يزيدى من أملاك" مشير" و" بايزيد" «1»، وبأمل البحث عن الفساد، حاصر قلعة خوى، وألقى بحسين خان الدنبلى حاكم خوى- الذى كان أخوه الأصغر- فى ضيق الحصار، فعرض حسين خان كيفية ما حدث على البلاط السلطانى، واستدعى الإمداد والمساعدة، وصدر الحكم بأن يتوجه إبراهيم خان القاجارى الدولويى مع الجيش الجرار إلى تلك الديار، وأن يجمع أيضا عساكر آذربيچان، وأن يصل بنفسه إلى خوى، وأن يخلص حسين خان من مخمصة العناء، فأسرع إبراهيم خان من مكان توقفه فى دار الخلافة إلى أذربيچان، وبالمصادفة انحدر فرسان ومشاة تلك الأرض من جبل غازان إلى خوى، ولحق به حسين خان أيضا من القلعة، وعلم جعفر قلى خان بالخبر، وأقدم على المواجهة، فوقعت حرب عظيمة ومعركة جسمية بينهما من الظهر حتى المساء، وفى لحظة واحدة سقطت الأجساد من طائفة يزيدى وشكاك على التراب، وأجروا جدولا دمويا خارج مدينة خوى فأعرض جعفر قلى خان بوجهه مع أعوانه عن المعركة مثل حظه، وتعقبهم الجيش المظفر، وقتلوا كل من وجدوه، وصارت الغنائم الكثيرة والخيول الجبلية المقتدرة من نصيب مجاهدى النصر، ووصل جعفر قلى خان وبعادته المئلوفة وبألف وسيلة إلى مسكن الأكراد، ووجد الأسرى- الذين كانوا من طائفة دنبلى- الأمان من بلاط السلطان صاحب البلاد بشفاعة حسين خان، وأسرع أخباد «1» الأكراد إلى دار البوار والهلاك من دم السيف المطير لشرر النار [ص 46] وخلعت الخلاع الفاخرة على قادة الجيش من دار خلع الإنعامات الملكية، وتزين وسط حزام إبراهيم خان بخنجر مرصع علاوة على خلعة الرأس والصدر، ووصل الحكم الأشرف إلى النفاذ بأن يتوجه من أجل راحة الرعية وجنود الجيش، وأن يتوقف هو فى تبريز، وبأن يعمل بما يصدر من حكم من مكان توقف السلطنة.
صفحہ 75