Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool
معارج القبول بشرح سلم الوصول
ایڈیٹر
عمر بن محمود أبو عمر
ناشر
دار ابن القيم
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
پبلشر کا مقام
الدمام
اصناف
انْتَحَلَ ذَلِكَ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ لَا بِاشْتِقَاقٍ صَغِيرٍ وَلَا كَبِيرٍ، بَلْ بِاسْتِنْبَاطٍ مُخْتَلَقٍ وَافَقَ الْهَوَى الْمُتَّبَعَ. وَقَدْ بَسَطَ الْقَوْلَ فِي رَدِّ ذَلِكَ ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ ﵀ فِي كِتَابِهِ الصَّوَاعِقِ وَبَيَّنَ بُطْلَانَهُ مِنْ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِينَ وَجْهًا فَلْيُرَاجَعْ١. وَكَمَا أَوَّلُوا أَحَادِيثَ النُّزُولِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا بِأَنَّهُ يَنْزِلُ أَمْرُهُ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَلَيْسَ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى نَازِلًا فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِينٍ؟ فَمَاذَا يَخُصُّ السَّحَرَ بِذَلِكَ؟ وَقَالَ آخَرُونَ: يَنْزِلُ مَلَكٌ بِأَمْرِهِ، فَنَسَبَ النُّزُولَ إِلَيْهِ تَعَالَى مَجَازًا. فَيُقَالُ لَهُمْ: فَهَلْ يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يرسل من يدعي رُبُوبِيَّتَهُ، وَهَلْ يُمْكِنُ لِلْمَلِكِ أَنْ يَقُولَ: "لَا أَسْأَلُ عَنْ عِبَادِي غَيْرِي مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ"٢ وَهَلْ قَصُرَتْ عِبَارَةُ النَّبِيِّ ﷺ عَنْ أَنْ يَقُولَ يَنْزِلُ مَلَكٌ بِأَمْرِ اللَّهِ فَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لَكُمْ كَذَا أَوْ أَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ لَكُمْ كَذَا حَتَّى جَاءَ بِلَفْظٍ مُجْمَلٍ يُوهِمُ بِزَعْمِكُمْ رُبُوبِيَّةَ الْمَلَكِ. لَقَدْ ظَنَنْتُمْ بِاللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ ﷺ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا. وَكَمَا أَوَّلُوا الْمَجِيءَ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بِالْمَجَازِ فَقَالُوا يَجِيءُ أَمْرُهُ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ [النَّحْلِ: ٣٣] فَقَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢١٠] فَقَالُوا: هُوَ مِنْ مَجَازِ الْحَذْفِ، وَالتَّقْدِيرُ يَأْتِي أَمْرُ اللَّهِ. فَيُقَالُ لَهُمْ: أَلَيْسَ قَدِ اتَّضَحَ ذَلِكَ غَايَةَ الِاتِّضَاحِ أَنَّ مَجِيءَ رَبِّنَا ﷿ غَيْرُ مَجِيءِ أَمْرِهِ وَمَلَائِكَتِهِ، وَأَنَّهُ يَجِيءُ حَقِيقَةً، وَمَجِيءُ أَمْرِهِ حَقِيقَةٌ، وَمَجِيءُ مَلَائِكَتِهِ حَقِيقَةٌ، وَقَدْ فَصَلَ تَعَالَى ذَلِكَ وَقَسَّمَهُ وَنَوَّعَهُ تَنْوِيعًا يَمْتَنِعُ مَعَهُ الْحَمْلُ عَلَى الْمَجَازِ، فَذَكَرَ تَعَالَى فِي آيَةِ الْبَقَرَةِ مَجِيئَهُ وَمَجِيءَ الْمَلَائِكَةِ، وَكَذَا فِي آيَةٍ الْفَجْرِ، وَذَكَرَ فِي النَّحْلِ مَجِيءَ مَلَائِكَتِهِ وَمَجِيءَ أَمْرِهِ، وَذَكَرَ فِي آيَةِ الْأَنْعَامِ إِتْيَانَهُ وَإِتْيَانَ مَلَائِكَتِهِ وَإِتْيَانَ بَعْضِ آيَاتِهِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَمْرِهِ. ثُمَّ يُقَالُ: مَا الَّذِي يَخُصُّ إِتْيَانَ أَمْرِهِ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ؟ أَلَيْسَ أَمْرُهُ آتِيًا فِي كُلِّ وَقْتٍ، مُتَنَزِّلًا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ بِتَدْبِيرِ أُمُورِ خَلْقِهِ فِي كُلِّ نَفَسٍ وَلَحْظَةٍ: ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرَّحْمَنِ: ٢٩] وَتَأَوَّلُوا النَّظَرَ إِلَى اللَّهِ ﷿ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ بِالِانْتِظَارِ قَالُوا: إِنَّهُ كَقَوْلِهِ: ﴿انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ
١ مختصر الصواعق "٢/ ١٢٦-١٥٢".
٢ تقدم ذكره ورواياته.
1 / 360