Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool
معارج القبول بشرح سلم الوصول
تحقیق کنندہ
عمر بن محمود أبو عمر
ناشر
دار ابن القيم
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
پبلشر کا مقام
الدمام
اصناف
اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ ﷿: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ قَالَ: الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: اسْتَقَرَّ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: صَعِدَ. وَأَوَّلَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الِاسْتِوَاءَ بِالِاسْتِيلَاءِ. فَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: الِاسْتِوَاءُ عَلَى الْعَرْشِ صِفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى بِلَا كَيْفٍ، يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ الْإِيمَانُ بِهِ وَيَكِلُ الْعَلَمَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ﷿. ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ مَالِكٍ الْمُتَقَدِّمَ وَقَالَ: وَرُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي جَاءَتْ فِي الصِّفَاتِ الْمُتَشَابِهَاتِ: أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ بِلَا كَيْفٍ١. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرَجِيُّ فِي بَائِيَّتِهِ:
عَقَائِدُهُمْ أَنَّ الْإِلَهَ بِذَاتِهِ ... عَلَى عَرْشِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْغَوَائِبِ
وَأَنَّ اسْتِوَاءَ الرَّبِّ يُعْقَلُ كَوْنُهُ ... وَيُجْهَلُ فِيهِ الْكَيْفُ جَهْلَ الشَّهَارِبِ
وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ الْجِيلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الْغُنْيَةِ: أَمَّا مَعْرِفَةُ الصَّانِعِ بِالْآيَاتِ وَالدَّلَائِلِ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِصَارِ فَهُوَ أَنْ يَعْرِفَ وَيَتَيَقَّنَ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ أَحَدٌ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَهُوَ مُسْتَوٍ عَلَى الْعَرْشِ مُحْتَوٍ عَلَى الْمُلْكِ، مُحِيطٌ بِالْأَشْيَاءِ، إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ، وَلَا يَجُوزُ وَصْفُهُ بِأَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ بَلْ يُقَالُ: إِنَّهُ فِي السَّمَاءِ عَلَى الْعَرْشِ، كَمَا قَالَ: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ وَيَنْبَغِي إِطْلَاقُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ. وَكَوْنُهُ تَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ مَذْكُورٌ فِي كُلِّ كِتَابٍ أُنْزِلَ عَلَى كُلِّ نَبِيٍّ أُرْسِلَ بِلَا كَيْفٍ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ: وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الْأَوَّلُ ﵃ لَا يَقُولُونَ بِنَفْيِ الْجِهَةِ وَلَا يَنْطِقُونَ بِذَلِكَ بَلْ نَطَقُوا هُمْ وَالْكَافَّةُ بِإِثْبَاتِهَا لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا نَطَقَ كِتَابُهُ وَأَخْبَرَتْ رُسُلُهُ، وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ أَنَّ اسْتِوَاءَهُ عَلَى عَرْشِهِ حَقِيقَةٌ وَخُصَّ عَرْشُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مَخْلُوقَاتِهِ، وَإِنَّمَا جَهِلُوا كَيْفِيَّةَ الِاسْتِوَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ حَقِيقَةُ كَيْفِيَّتِهِ٢. قُلْتُ: أَرَادَ بِالْجِهَةِ إِثْبَاتَ الْعُلُوِّ لِلَّهِ تَعَالَى، أَمَّا لَفْظُ الْجِهَةِ فَلَمْ يَرِدْ فِي الْكِتَابِ وَلَا السُّنَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إِثْبَاتِ الْعُلُوِّ إِثْبَاتُهَا؛ لِأَنَّ الْعَرْشَ سَقْفُ جَمِيعِ
١ في معالم التنزيل له "١/ ٤٨١". ٢ الجامع لأحكام القرآن "٧/ ٢١٩".
1 / 202