ما وراء الأديان: أخلاقيات لعالم كامل
ما وراء الأديان: أخلاقيات لعالم كامل
اصناف
فيما يتعلق بمكان الممارسة، تذكر كتيبات التدريب الكلاسيكية أن الصوت مثل شوكة في العقل. ولذلك، فمن المفيد لغالبية الناس إيجاد مكان للجلوس يخلو من إزعاج الضوضاء. من الواضح أيضا أن إغلاق الهاتف قبل البدء، من الأفكار الجيدة. بالرغم من هذا، فلست أعني بذلك كله القول إن التأمل لا يمكن ممارسته بشكل أو بآخر في أي مكان، أو في أي لحظة من اليوم. وإنما أتحدث هنا عن الوضع المثالي. أنا عن نفسي أجد أن التأمل خلال السفر استغلال جيد للوقت.
وفيما يتعلق بالوضع الجسدي المناسب للتأمل، فأي وضع مريح سيفي بالغرض، لكن إذا أصبحت مرتاحا «للغاية»، فقد تنجرف إلى النعاس. ومع ذلك، قد يكون من المفيد الجلوس بالطريقة التي تسمى وضعية اللوتس؛ إذ تضع ساقيك متقاطعتين مع إراحة كل قدم على فخذ الساق المقابلة. من مزايا هذا الوضع أنه يبقيك دافئا ويحافظ على استقامة ظهرك أيضا. قد يكون الوضع غير مريح في البداية، ولا بأس في هذه الحالة من الجلوس بساقيك متقاطعتين لبعض الوقت، ولا بأس أيضا من الجلوس على كرسي إذا كان هذا الوضع صعبا أيضا. وبالمثل، فأولئك الذين يفضلون التأمل أثناء الركوع بسبب تقاليدهم الدينية، يمكنهم فعل ذلك أيضا. الأهم أن تختار الوضعية التي تجدها أقل تشتيتا للانتباه.
إذا اخترت وضعية اللوتس، يمكنك إراحة يديك عن طريق وضع ظهر اليد اليمنى على كف اليد اليسرى. دع المرفقين يستريحان دون إحكامهما، مع دفعهما قليلا أمام الجسم بحيث توجد فجوة يمكن للهواء أن يمر من خلالها. وغالبا ما يكون من المفيد الجلوس على وسادة مرفوعة قليلا من الخلف. هذا يساعد على استقامة العمود الفقري الذي يجب من الناحية المثالية، أن يظل مستقيما كالسهم، مع انحناء العنق قليلا للأسفل. إضافة إلى ذلك، فإن إبقاء طرف اللسان ملامسا لسقف الحلق يساعد على منع العطش، الذي قد ينتج عن بعض تمارين التنفس. أما الشفتان والأسنان فيمكن تركها في الوضع المعتاد. وفيما يتعلق بالعينين، يمكنك أن تكتشف بنفسك الوضع الأفضل لك. بعض الناس يجدون أن التأمل وأعينهم مفتوحة أكثر فعالية. ويجد آخرون ذلك مشتتا للغاية. بالنسبة إلى معظم الناس، عادة ما يكون إغلاق العينين بعض الشيء هو الأفضل، لكن البعض يجد أن إغلاقهما تماما مفيد بدرجة أكبر. (5) الاسترخاء وتهدئة العقل
فور أن تستقر في وضعيتك، فإن أول شيء عليك فعله هو استنشاق بعض الأنفاس العميقة. بعد ذلك، تنفس بشكل طبيعي مرة أخرى، وحاول التركيز على نفسك، مع ملاحظة الهواء وهو يدخل ويخرج من فتحتي الأنف. إن ما تحاول الوصول إليه، هو عقل في حالة حيادية، ليس إيجابيا ولا سلبيا. وبدلا من ذلك، يمكنك أن تأخذ شهيقا واحدا وزفيرا واحدا بينما تعد بصمت من واحد إلى خمسة أو سبعة، ثم تكرر العملية عدة مرات. المفيد في هذا العد الصامت هو أن تكليف العقل بأداء مهمة يقلل من احتمالية انجرافنا مع أفكار دخيلة. في كلتا الحالتين، عادة ما يكون قضاء بضع دقائق في مراقبة التنفس طريقة جيدة للوصول إلى حالة ذهنية أكثر هدوءا.
يمكننا تشبيه عملية تهدئة العقل هذه بصباغة قطعة من القماش. يمكن صبغ القماش الأبيض بلون مختلف بسهولة، ولكن من الصعب صبغ قطعة قماش ملونة بالفعل، إذا لم نكن نرغب في جعلها سوداء. بالطريقة نفسها، عندما يكون العقل مضطربا، من الصعب الحصول على نتيجة إيجابية.
في بعض الأحيان قد تجد صعوبة في التركيز على الإطلاق لأن عقلك أسير لبعض المشاعر القوية، مثل الغضب. في مثل هذه الأوقات، قد يكون من المفيد ترديد بعض الكلمات القليلة بهدوء. فيمكن لصيغة مثل «أدع عني مشاعري المؤذية»، وبالنسبة إلى المؤمنين المتدينين، يمكن لتكرار صلاة تعبدية قصيرة أو ترنيمة لعدة مرات أن يخفف من سطوة العاطفة. إذا لم ينجح هذا الأسلوب، فربما تحتاج إلى النهوض والذهاب في نزهة قصيرة قبل المحاولة مرة أخرى.
قد يحدث أحيانا لا سيما في المراحل الأولى، أن تستمر الأفكار السلبية في الرجوع إليك بعد وقت قصير. في مثل هذه الحالات، قد تجد أنك تستغرق جلسة كاملة في ممارسة تمارين لتهدئة العقل أو سكونه. ولا بأس في هذا؛ فهو فلا يزال تدريبا عقليا. ومع اكتسابك بعض الخبرة في آلية عمل العقل، ومعرفة الأساليب التي تنجح معك بشكل أفضل، ستعتاد تدريجيا على حالة ذهنية أكثر حيادية. هذا وحده تقدم جيد.
عندما تنجح في الوصول إلى حالة هادئة، ربما في غضون بضع دقائق من جلستك، يمكنك بعد ذلك البدء في العمل الفعلي لتنمية العقل.
في المراحل الأولى من تدريبك، من الأفضل أن تمارس عدة تمارين مختلفة على التوالي. في البداية، قد تجد أنه من المحال أن تحافظ على تركيز عقلك لأكثر من بضع دقائق في المرة قبل أن يبدأ في التشتت، بل ربما حتى بضع ثوان. هذا طبيعي للغاية. وحالما تدرك أنك قد أصبحت مشتتا، ما عليك سوى الرجوع بلطف إلى ما كنت تفعله قبل بدء التشتت. يجب ألا تغضب أو توبخ ذاتك عندما يحدث هذا، بل عليك أن تتحلى بالصبر وتدرك ما يفعله العقل، وبهدوء توجهه إلى الانتباه من جديد. المهم ألا تشعر بالإحباط. (6) التفكير في فوائد التدريب العقلي
من التمارين المفيدة جدا في بداية الجلسة، التفكير في فوائد الممارسة. ومن الفوائد الفورية للتدريب العقلي أن الممارسة تمنحنا فترة راحة قصيرة من مظاهر القلق والحساب والخيال التي غالبا ما تتسم بالإفراط وعادة ما تسكن عقولنا. هذا في حد ذاته هبة عظيمة. ومن الفوائد الأخرى التي يمكننا التفكير فيها، أن الممارسة طريق أكيد للوصول إلى أعلى مراتب الحكمة، حتى وإن كان هذا الطريق طويلا وبه العديد من العقبات التي يجب التغلب عليها طوال الطريق.
نامعلوم صفحہ