ما تراه العيون: قطع قصصية مصرية
ما تراه العيون: قطع قصصية مصرية
اصناف
لقد كان طفلا جميلا فكانت تحبه مربيته كأم حنون، والآن صار شابا جميلا فأحبته مربيته كعشيقة ضرم الحب أنفاسها.
فيا للعجب مما تراه العيون في ظلام هذه الحياة!
سنة 1917
العاشق المفتون بالرتب والنياشين
من رسائل مجبور أفندي: خطاب من كاتب إلى رجل لا يعرفه
يا صديقي العزيز
اسمح لي أن أناديك بالصديق العزيز مرة في كل عام، وإن كنت لم أسعد في حياتي الماضية ولن أسعد في حياتي المقبلة بمعرفتك، ومعرفتك أمر هام جدا، بل شرف عظيم لكل من يجد في قربك سعادة لنفسه وراحة لضميره المعذب، ولكني لا أكتمك - وإن كانت صراحتي تؤلمك - إني لا أود ولن أود أن تسمح لي الظروف بمعرفتك بل برؤياك ...
لماذا إذن أخاطبك في العام مرة واحدة؟ لماذا أكتب إليك هذا الخطاب وبيني وبينك مسافة ما بين الأرض والسماء، مسافة طويلة جدا، ولكنها لا توجد إلا بين نفسي ونفسك! ما جسمانا قريبان، وربما التطما في الطريق مرة واحدة؛ لأنا نعيش سويا على صعيد واحد، هو مصر. إذن لماذا أكتب إليك؟ إني لا أسائل نفسي؛ لأني أعرف السبب، وسأذكره إليك؛ فربما وجدت فيه عزاء لنفسك المضطربة وراحة لضميرك الهائج، ولكني لا أريد أن نتكلم سويا إلا إذا اعتقدت أني صريح فيما أقول، وأنه لا يحملني على مناقشتك إلا أمر واحد هو حبي للناس، ومن هذا الحب تولدت في قلبي عاطفة غريبة نحوك، عاطفة تكونت من عصير الشفقة والرثاء، وما أجمل الصراحة التي يتساقط من نورها الوضاح شعاع الشفقة والرثاء!
أنت بلا شك لا تغضب لأني صريح، ولكني أخشى أن يسوءك رثائي وشفقتي؛ لهذا أود من صميم قلبي أن تتنازل عن كبريائك ...
عفوا أيها الصديق العزيز! عفوا! لقد أخطأت مرة ثانية وقلت إنك من المتكبرين المتغطرسين، ولكن ما الذي يضرك؟ وهل يسوءك أن أصفك بهذه الصفة وأنت ممن يجدون في الكبرياء والأبهة لذة لا تقدر؟ أظن إذن أني لم أغضبك مرة ثانية وأني لم أخطئ بالمرة. فاسمح لي إذن أن أقول لك إني أود من صميم قلبي أن تتنازل عن كبريائك في غضون تلك الساعة الزمانية التي نود أن نتحادث فيها سويا، وأن لا يسوءك أني أشفق عليك وأرثى لحالك.
نامعلوم صفحہ