أيصلح تمشي في الدماء عفيرة
صبيحة زفت في النساء إلى البعل
من قصيدة طويلة منها:
فلو أننا كنا الرجال وكنتمو
نساء لكنا لا نقر على الذل
وإن أنتمو لم تغضبوا بعد هذه
فكونوا نساء لا تفروا من الكحل ... إلخ.
وكان أخو عفيرة من سادة قومه وأصحاب الرأي فيهم، فتحركت نخوته، كما أحس المذلة قوم جديس، فاغتنم هو فرصة انفعال القوم واستشعارهم الذل، فقال لهم: هل لكم أن تتبعوا رأيي أرحكم من هذا الغشوم وطغيانه. فقالوا له: لم تعد لنا طاقة على احتمال هذا الهوان، فمرنا نفعل ما تريد، فاقترح عليهم أن يدفنوا سيوفهم تحت الرمل، وأن يتظاهروا بالولاء والإكبار للملك، وأن يدعوه هو ورجال حاشيته إلى مأدبة في العراء، فوافقوا على ذلك، وتمت دعوة الملك، وبينما هم في وسط الطعام والشراب إذا بجديس تخرج السيوف من تحت الرمال فتجندل الملك وتقتله شر قتلة هو ورجال حاشيته، ثم يعمد القوم إلى الفتك برجال طسم، حتى كادوا أن يفنوهم جميعا، ويفلت من طسم رجل يفر إلى ملك اليمن - ويقولون: إنه حسان بن تبع - فيستنصره على جديس، ويستمع ملك اليمن إلى هذا الطسمي، فيسير معه في جند كثيف إلى جديس، حتى إذا ما أصبح القوم على بعد ثلاثة أيام من اليمامة مقر طسم، إذا بهذا الطسمي يخبر ملك اليمن أن له أختا في جديس ترى على مسيرة ثلاثة أيام، وأنه يخشى أن تراهم فتحذر القوم، ثم يقترح على الملك أن يحمل كل جندي فرعا من شجرة كبيرة يستتر وراءها، حتى يستطيعوا أن يفاجئوا جديسا قبل أن يتحوطوا للقائهم.
وتتطلع زرقاء اليمامة - وهي أخت ذلك الطسمي - إلى ناحية الجنوب الغربي فترى شجرا يتحرك، ومن وراء ذلك الشجر جنودا تحمل سلاحا، ومنهم من يتعرق كتفا أو يخصف نعلا أو يخيط ثوبا، فأنذرت قومها وحذرتهم جند اليمن، فسألوها عن الخبر، فقالت:
إني أرى شجرا من تحته بشر
نامعلوم صفحہ