ما الحياة؟: الجانب الفیزیائی للخلیة الحیة
ما الحياة؟: الجانب الفيزيائي للخلية الحية
اصناف
كيف يتجنب الكائن الحي التحلل؟ الإجابة الواضحة هي: من خلال الأكل والشرب والتنفس و(في حالة النبات) التمثل الحيوي. المصطلح التقني هنا هو «الأيض». إن المقابل اليوناني له يعني التغيير أو التبادل. تبادل ماذا؟ إن الفكرة الأساسية هنا هي - بلا شك - تبادل المواد. إن كون تبادل المواد هو الشيء الأساسي لهو أمر سخيف. فإن أي ذرة نيتروجين أو أكسجين أو كبريت ... إلخ مثلها مثل أي ذرة أخرى من نوعها نفسه؛ فما الذي سيكتسبه الكائن الحي بتبادلها؟ قد أسكت فضولنا لبعض الوقت في الماضي بقولهم لنا إننا نتغذى على الطاقة. في بعض البلاد المتقدمة جدا (لا أذكر إن كانت ألمانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية أو الاثنتين)، يمكن أن تجد في المطاعم قوائم طعام تشير، بالإضافة إلى السعر، إلى الطاقة الموجودة في كل طبق. من الواضح أننا إذا نظرنا للأمر على نحو مجرد فإننا سنجده سخيفا. فبالنسبة للكائن الحي البالغ، إن محتوى الطاقة ثابت مثل محتوى المادة. وحيث إن، بالتأكيد، أي كالوري أو سعر حراري يساوي في قيمته أي سعر حراري آخر، فلا يمكن لنا أن نفهم جدوى أي عملية تبادل بسيطة.
إذن، ما ذلك الشيء النفيس الموجود في الطعام، الذي يجنبنا الموت؟ يمكن الإجابة على ذلك بسهولة. كل عملية، أو حدث، أو حادث - سمها كيف تشاء - كل شيء يحدث في الطبيعة يعني زيادة في الإنتروبيا في جانب العالم الذي يحدث فيه. وهكذا فإن الكائن الحي باستمرار يزيد من إنتروبيته - كما يمكنك أن تقول: ينتج إنتروبيا إيجابية - ومن ثم يميل إلى الاقتراب من الحالة الخطرة للإنتروبيا القصوى، التي هي الموت. وهو يستطيع فقط أن يبقى بمعزل عن ذلك - أي على قيد الحياة - عن طريق امتصاص إنتروبيا سلبية من بيئته باستمرار؛ وهو شيء إيجابي جدا، وذلك كما سوف نوضح بعد قليل. ما يتغذى عليه الكائن الحي هو الإنتروبيا السلبية. أو لنضع ذلك على نحو أقل تناقضا، الشيء الجوهري في عملية الأيض هو أن الكائن الحي ينجح في تحرير نفسه من كل الإنتروبيا التي لا يسعه إلا إنتاجها بينما هو على قيد الحياة. (5) ما الإنتروبيا؟
ما الإنتروبيا؟ دعوني أولا أؤكد أنها ليست فكرة أو مفهوما مبهما، ولكن كمية فيزيائية يمكن قياسها، تماما مثل طول قضيب أو درجة الحرارة في أي نقطة في جسم أو حرارة انصهار بلورة ما أو الحرارة النوعية لمادة ما. في درجة حرارة نقطة الصفر المطلق (−273 درجة مئوية تقريبا)، فإن إنتروبيا أي مادة هي الصفر. وعندما تحول مادة إلى أي حالة أخرى في خطوات بطيئة وقابلة للانعكاس (حتى لو بذلك تغير المادة من طبيعتها الفيزيائية أو الكيميائية أو تنشق إلى جزأين أو أكثر لهما طبيعة فيزيائية أو كيميائية مختلفة)، فإن الإنتروبيا تزيد بكمية يمكن حسابها بقسمة كل جزء صغير من الحرارة يجب عليك أن تمد بها العملية على درجة الحرارة المطلقة التي زودت الحرارة عندها، ثم جمع كل هذه المساهمات الصغيرة. على سبيل المثال، عندما تصهر جامدا، فإن إنتروبيته تزيد بقدر حرارة الانصهار مقسومة على درجة الحرارة عند نقطة الانصهار. من ذلك، يتضح لك أن الوحدة التي تقاس بها الإنتروبيا هي الكالوري/الدرجة المئوية (كما أن الكالوري هي وحدة قياس الحرارة والسنتيمتر وحدة قياس الطول). (6) المعنى الإحصائي للإنتروبيا
لقد ذكرت ذلك التعريف التقني ببساطة لأخرج الإنتروبيا من أجواء الغموض المبهم الذي يحيط بها في كثير من الأحيان. الأكثر أهمية لنا هنا هو علاقتها بالمفهوم الإحصائي للنظام والفوضى، وهي علاقة كشفتها أبحاث بولتسمان وجيبز في الفيزياء الإحصائية. تلك العلاقة أيضا كمية، ويمكن التعبير عنها كما يلي:
حيث
هو الإنتروبيا و
هو ما يسمى بثابت بولتسمان (الذي يساوي 3,2983 × 10 −24
كالوري/درجة مئوية) و
هو مقياس كمي للفوضى الذرية للجسم ذي الصلة. إن عرض شرح دقيق لهذه الكمية
بكلمات قليلة وغير متخصصة أمر يقترب جدا من المستحيل. فالفوضى التي تشير إليها جزئيا هي تلك التي للحركة الحرارية، وجزئيا هي تلك التي تتكون من أنواع مختلفة من الذرات أو الجزيئات المختلطة معا في عشوائية، بدلا من أن تكون منفصلة على نحو منظم، كجزيئات الماء والسكر في المثال المستشهد به أعلاه. ستتضح معادلة بولتسمان جيدا من خلال هذا المثال. إن «الانتشار» التدريجي للسكر خلال كل الماء المتاح يزيد من الفوضى ؛ ومن ثم الإنتروبيا (وذلك لأن لوغاريتم
نامعلوم صفحہ