واهتمامات طه حسين في جريدة الوادي هي نفس اهتماماته في جريدة الكوكب.
تنشر «الوادي» فصولا مطولة يتحدث فيها عن رجال برزوا في ساحة الأحداث الدولية؛ عن هندنبرج، وعن ستالين، وعن موسوليني. وينشر حديثا لموسوليني يقول فيه إن الحرب العالمية واقعة لا محالة، وإن كان لا يدري أين تقع؛ في النمسا أو الشرق الأقصى، بحرب بين اليابان وروسيا أو بين اليابان والصين، وتنشر الوادي فصلا تنبه فيه إلى أطماع الحكم النازي في ألمانيا.
ويعنى الوادي بالعالم العربي، مشرقه ومغربه.
ويواصل طه حسين في مقالاته السياسية اليومية بعنوان «حديث الوادي» نضاله كي يحقق الشعب آماله في الحرية، وفي التقدم، مدركا أن أكبر عقبة تعوق طريق التقدم في مصر هي استمرار احتلال بريطانيا للبلاد.
وطه حسين يحمل المصريين جانبا كبيرا من مسئولية الاحتلال، فإذا شكت الوزارة القائمة من أن بريطانيا تتدخل في موضوع الدين العام تدخلا يعرض استقلال مصر للخطر، يكتب طه حسين: «كلا، إذا كان الاستقلال في خطر فالوزارة هي التي عرضته للخطر؛ لأنها قبلت تدخل الإنجليز منذ ارتقت مناصبها. إذا كان الاستقلال في خطر حقا فيجب أن يتنحى هؤلاء السادة عن ميدان الجهاد؛ لأنهم لا يصلحون لميدان الجهاد، إنك لا تجني من الشوك العنب.»
ويحمل طه حسين حملة عنيفة على رفض وزير المعارف تعيين مصري من أساتذة «مدرسة الهندسة الملكية» المساعدين وهو الدكتور مصطفى نظيف، أستاذا بها مكان أستاذ بريطاني انتهى تعاقده معها، ويندد بشدة بأن الوزير قد قرر «اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعيين بريطاني آخر»، ويؤكد طه حسين أن الإنجليز لن يحققوا أطماعهم لو امتنع كل المصريين عن كل تعاون معهم.
ويستأنف الدكتور طه حسين في جريدة «الوادي» مقالاته الأدبية ملتزما المنهج الذي سار عليه في جريدة السياسة أيام الأحد وأيام الأربعاء، والذي التزمه كذلك في جريدة «كوكب الشرق»، وهو وصل القراء بالأدب العربي القديم من جهة، وبالفكر الأوروبي الحديث من جهة أخرى، مع الاهتمام بالإنتاج الثقافي المعاصر من جهة ثالثة.
تتسع صفحات الوادي الأدبية لمساجلات رائعة بين طه حسين وكثير من معاصريه، وتفتح جريدة الوادي صفحاتها للشباب، سهير القلماوي لا تكتفي بصفحة السيدات بل تشارك في صفحات الأدب والثقافة، وكامل الشناوي يكتب شعرا رقيقا، وعبده حسن الزيات يكتب صفحات قانونية إلى جانب كتاباته السياسية، ويحيى الخشاب يكتب عن إمام شعراء الفرس أبي القاسم الفردوسي، وخليل يحيى نامي يترجم قصة عن الشاعر السورياني يعقوب السروجي من شعراء القرن السادس، وموضوعها قصة «أهل الكهف»، يهديها إلى توفيق الحكيم، وسيد نوفل يكتب صورا ريفية، وسيد قطب يكتب قصة قلبين، ومحمد حسن الزيات يكتب قصصا ونقدا.
وإلى جانب هؤلاء ينشر الوادي ما يرسله إليه كاتب غير معروف من الريف وهو محمد عبد المعطي المسيري، الذي يقدم نفسه إلى طه حسين وإلى القراء بأنه من أصحاب المقاهي أو العاملين فيها في دمنهور، وهو مع ذلك لا يتردد في مناقشة طه حسين ولا يتردد طه حسين في أن ينشر له رسائله.
ولا يتردد طه حسين كذلك في أن ينشر مقالا للأستاذ محمد عرفة أحد الذين كانوا قد تحمسوا لمواجهته عندما ظهر كتابه عن الشعر الجاهلي.
نامعلوم صفحہ