لوتھر مقدمہ قصیرہ
مارتن لوثر: مقدمة قصيرة جدا
اصناف
آمن لوثر بأن ما قاله كان صحيحا، وقد كان إلى حد ما كذلك، ليس بسبب أنه غير العالم، لكن بغض الطرف عن أن العالم استمر على حاله. وفي نهاية حياته، كان لوثر أقل مثالية وأكثر حكمة مما كان عندما تصور تحرر ألمانيا بأسرها من استبداد البابا. فقال:
على الواعظ أن يعرف العالم، ليس بالطريقة التي عرفته بها كقس، عندما تصورت أنه شديد السمو والاستقامة حتى إنه سيعتنق الإنجيل المقدس ما إن يسمع به الناس، لكن العكس حدث.
خاتمة
تمتع مارتن لوثر بشخصية قوية جذبت إليه المعجبين والمسيئين على حد سواء. ومن بين المعجبين به إصلاحي مدينة أوجسبورج أوربانوش ريجيوس، الذي عرج على لوثر للقائه عام 1530 في حصن مدينة كوبورج. قال ريجيوس لأحد أصدقائه في جنوب ألمانيا بعد الزيارة:
لا يسع شخصا أن يكره لوثر بعد لقائه. تقدم كتبه فكرة عامة عن شخصيته، لكن إن تسن لك أن تشاهده عن كثب، وأن تصغي إليه وهو يتناول المسائل الدينية بروحه الشبيهة بروح الرسل؛ فستقول إن لقاءه شخصيا أفضل بكثير من السماع عنه. هو أعظم من أن يحكم عليه عالم لاهوت آخر، وسيبقى بلا شك عالم لاهوت للعالم بأسره، وأنا موقن الآن أنني صرت أعرفه أكثر من ذي قبل.
لو كان ريجيوس يعيش في عام 2003 لاستمتع بالفيلم الذي أخرجه إريش تيل، والذي صور لوثر على أنه ثائر، وعبقري، وقائد بطل للتحرير. وقد كان - إلى حد ما - يتمتع بهذه الصفات الثلاث، لكنه من الناحية العملية آثر النظام على الفوضى، والإيمان على الحنكة، والاعتدال على الحرية. وقد أخفقت أغلب المحاولات لتصويره على أنه بطل لا تشوبه شائبة، لميلها إلى وصفه بمسميات مبسطة كانت تمثل - على أقصى تقدير - أنصاف حقائق عنه. وحتى أصدقاؤه وزملاؤه كانت لديهم هواجسهم؛ فوفقا لخطاب سري كتبه فيليب ميلانشتون عام 1548، شعر ميلانشتون بأنه اضطر أن يلعب دورا ثانويا مع زميله لوثر الأكثر حيوية وشهرة.
بدأ تصوير لوثر كبطل بالكلمات والصور بعد وقت قصير من طباعة أول أعماله في بازل عام 1518. حث التمهيد لتلك الطبعة - الذي كتبه الإنساني المؤيد للإصلاح فولفجانج كابيتو - علماء اللاهوت على نبذ المناهج السكولاتية التي اتبعها أسلافهم، والعودة إلى تعاليم المسيح باتباع نهج لوثر، الذي يسلط الضوء على الأناجيل الأربعة وعلى رسالات الرسول بولس. أما الإنساني والمسئول الحكومي في نورمبرج لاتساروس شبينجلر، فقد نشر في نهاية عام 1519 دفاعا عن لوثر امتدح فيه العزاء الذي يبثه لوثر في نفوس أصحاب الضمائر المثقلة، والذين أشار لهم لوثر بالأخص في مدينة فورمس على أنهم السبب الرئيس لوقوفه في وجه البابوية، ويزعم أن شبينجلر سمع رجال الدين والعامة - على حد سواء - يشكرون الله على أن العمر امتد بهم ليشهدوا لوثر وتعاليمه. أما هانز بالدونج جرين - وهو طالب من جنوب ألمانيا للنحات والرسام ألبريشت دورر - فقد صنع عام 1521 لوحة مطبوعة من حفر على خشب تصور مثول لوثر أمام مجلس فورمس، وصورت اللوحة لوثر على أنه قديس ملهم من السماء مع كتاب مفتوح، وعلى رأسه حمامة محاطة بهالة نورانية. وفي عام 1523، أنتج هانز هولباين الأصغر لوحة مطبوعة من حفر على الخشب تصور لوثر كهرقل ألمانيا وهو يهاجم ياكوب هوخشتراتن - وهو عالم دين دومينيكي كتب هجوما على لوثر - وقد تمدد على الأرض في اللوحة أرسطو وخمسة من لاهوتيي العصور الوسطى مهزومين. وفي العام نفسه كتب هانز ساكس - وهو موسيقار كبير بمدينة نورمبرج - قصيدة مطولة؛ تكريما للوثر بعنوان «عندليب فيتنبرج الذي يصدح تغريده في كل مكان».
شكل 1: لوثر كهرقل ألمانيا، بريشة هانز هولباين الصغير، 1523.
استمر الاستحسان الشعبي واستحسان رجال الدين للوثر طوال حركة الإصلاح الديني وما بعدها، فبين عامي 1562 و1565 ألقى يوهانز ماثيسيوس سلسلة من العظات عن حياة لوثر، أصبحت فيما بعد أول سيرة تفصيلية تتناول حياته؛ إذ درس ماثيسيوس في مدينة فيتنبرج، وكان يعترف بتقديره العميق لمعلميه، لكن لأن نزعة القس غلبت على نزعة عالم اللاهوت لديه، صب اهتمامه على كتابات لوثر العملية وفوائدها، ورأى أن العالم لن يستطيع أن يفي لوثر حقه من الشكر، حتى لو لم يكتب الأخير إلا ملخصات العقيدة المسيحية وصلاة المائدة. كما آمن ماثيسيوس أن الرب سيغفر للوثر تصريحاته البذيئة اللاعنة؛ لأنه الأداة التي سلط بها غضبه على النظام البابوي. حاول كتاب «صيغة الوفاق»، الذي صدر عام 1577، الفصل في الادعاءات المتضاربة حول ميراث لوثر، بجعل الكتاب المقدس وأسس العقيدة المسيحية القديمة وإقرار أوجسبورج (1530)، هي معايير التعاليم اللوثرية. وقيل إن الإقرار يلخص حقيقة كلمة الله التي «خرجت إلى النور من ظلام البابوية المريع» بواسطة «هذا الرجل المذهل الذي اختاره الله»؛ الدكتور لوثر. وبحلول القرن السابع عشر، نسبت إلى صورة لوثر قدرة عدم قابلية الاحتراق الإعجازية ؛ ففي عام 1634، زعم قس ألماني أن لوحة منحوتة من النحاس للوثر نجت من حريق دمر مكتبه، وبعدها بحوالي خمسين عاما، نجت لوحة أخرى للوثر من نيران دمرت المنزل الذي ولد فيه بمدينة آيسلبن، ويزعم أن تلك اللوحة التي صورته بين المسيح على الصليب وبين صورة ختمه؛ ظلت معلقة بمنزل لوثر حتى عام 1827.
كثر نقاد لوثر أيضا، وكان أوائلهم من علماء اللاهوت الكاثوليكيين والإنسانيين، الذين عارضوه بعد وقت قصير من فتح قضيته في روما. وفي الفترة ما بين عامي 1520 و1525 أنتج نحو 60 كاتبا ما يربو على 200 كتاب ومنشور يهاجم حركة الإصلاح الديني، واستهدفت الكثير من هذه الكتب لوثر، وأغلب هؤلاء الكتاب كانوا من العلماء الأكفاء، مثل جون إيك وتوماس كاييتان، اللذين ناظرا لوثر وجها لوجه، وظلا معارضين لحركة الإصلاح الديني، وكتبا دفاعا واعيا عن التعاليم الكاثوليكية الخاصة بقرابين القداس وسلطة البابا. ونظرا لأنهما كانا يكتبان باللغة اللاتينية، كشأن معظم المجادلين الكاثوليك، كان لكتبهم تأثير أقل من المنشورات الألمانية التي صدرت تأييدا للوثر. ومن أشهر خصوم لوثر ملك إنجلترا هنري الثامن، الذي نشر عام 1521 - بمساعدة قوية من رئيس مجلس اللوردات فيما بعد؛ توماس مور - دفاعا عن الأسرار المقدسة الكاثوليكية السبعة، كما أيد الملك الكتابات المناهضة للوثر، والخاصة بمور وبأسقف روتشستر جون فيشر، الذي استهدف أهم تعاليم لوثر لدحضها دحضا مطولا. وفي عام 1523 نشر مور ردا عنيفا وبذيئا على لوثر، امتدحه هو نفسه تحت اسم ويليام روس المستعار، واصفا إياه بأنه «عمل مصطفى مدروس وممتع ينم عن الصلاح ... يفضح ويدحض - على نحو مثير للإعجاب - الافتراءات الجنونية التي يهاجم بها لوثر - هذا الأحمق البغيض إلى أقصى حد - ملك إنجلترا الذي لا يقهر هنري الثامن».
نامعلوم صفحہ