وَقَوله بعثت أَنا والساعة كهاتين وَأَشَارَ بالسبابة وَالْوُسْطَى وَكَانَ قدر مَا بَين أَوسط أَوْقَات صَلَاة الْعَصْر وَذَلِكَ إِذا صَار كل شَيْء مثلَيْهِ على التَّحَرِّي إِنَّمَا يكون قدر نصف سبع الْيَوْم يزِيد قَلِيلا أَو ينقص قَلِيلا وَكَذَلِكَ فضل مَا بَين الْوُسْطَى والسبابة إِنَّمَا يكون نَحوا من ذَلِك
وَكَانَ صَحِيحا مَعَ ذَلِك قَوْله ﷺ لن يعجز الله أَن يُؤَخر هَذِه الْأمة نصف يَوْم يَعْنِي نصف الْيَوْم الَّذِي مِقْدَاره ألف سنة فَأولى الْقَوْلَيْنِ اللَّذين أَحدهمَا عَن ابْن عَبَّاس وَالْآخر عَن كَعْب قَول ابْن عَبَّاس إِن الدُّنْيَا جُمُعَة من جمع الْآخِرَة سَبْعَة آلَاف وَإِذا كَانَ كَذَلِك وَكَانَ قد جَاءَ عَنهُ ﵇ أَن الْبَاقِي من ذَلِك فِي حَيَاته نصف يَوْم وَذَلِكَ خَمْسمِائَة عَام إِذا كَانَ ذَلِك نصف يَوْم من الْأَيَّام الَّتِي قدر الْوَاحِد مِنْهَا ألف عَام كَانَ مَعْلُوما أَن الْمَاضِي من الدُّنْيَا وَقت قَوْله عله السَّلَام سِتَّة آلَاف سنة وَخَمْسمِائة سنة أَو نَحْو ذَلِك
وَقد جَاءَ عَنهُ ﵇ خبر يدل على صِحَة قَول من قَالَ أَن الدُّنْيَا كلهَا سِتَّة آلَاف سنة لَو كَانَ صَحِيحا لم يعد القَوْل بِهِ إِلَى غَيره وَهُوَ حَدِيث أبي هُرَيْرَة يرفعهُ الحقب ثَمَانُون عَاما الْيَوْم مِنْهَا سدس الدُّنْيَا فَتبين من هَذَا الْخَبَر أَن الدُّنْيَا كلهَا سِتَّة آلَاف سنة وَذَلِكَ أَنه حَيْثُ كَانَ الْيَوْم الَّذِي هُوَ من أَيَّام الْآخِرَة مِقْدَاره ألف سنة من سني الدُّنْيَا وَكَانَ الْيَوْم الْوَاحِد من ذَلِك سدس الدُّنْيَا كَانَ مَعْلُوما أَن جَمِيعهَا سِتَّة أَيَّام من أَيَّام الْآخِرَة وَذَلِكَ سِتَّة آلَاف سنة
وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم السهلي وَقد مَضَت الْخَمْسمِائَةِ من وَفَاته ﷺ إِلَى الْيَوْم بنيف عَلَيْهَا وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثين مَا يشْهد لشَيْء مِمَّا ذكر مَعَ وُقُوع الْوُجُود بِخِلَافِهِ وَلَيْسَ فِي قَوْله لن يعجز الله أَن يُؤَخر هَذِه الْأمة نصف يَوْم مَا يَنْفِي الزِّيَادَة على النّصْف وَلَا فِي قَوْله بعثت أَنا والساعة كهاتين مَا يقطع بِهِ على صِحَة تَأْوِيله يَعْنِي الطَّبَرِيّ فقد نقل فِي تَأْوِيله غير هَذَا وَهُوَ أَنه لَيْسَ بَينه وَبَين السَّاعَة بني وَلَا شرعة غير شرعته مَعَ التَّقْرِيب لحينها كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿اقْتَرَبت السَّاعَة﴾
1 / 59