وَكَانَ قدر الدُّنْيَا وأبناؤها منحطا فِي ثَلَاثَة آلَاف الثَّانِيَة وَلِأَن الْمِيزَان أهبط الهبوط وبئر الْآبَار وضد البرج الَّذِي فِيهِ شرف الشَّمْس دلّ على أَنه أصَاب الدُّنْيَا فاكتسب أَهلهَا الْمعْصِيَة وَالْمِيزَان وَالْعَقْرَب والقوس إِذا نزلتها الشَّمْس لم تَزْدَدْ إِلَّا انحطاطا وَالْأَيَّام إِلَّا نُقْصَانا فَلذَلِك دلّت على البلايا والضيق والشدة وَالشَّر وَحَيْثُ تبلغ الآلاف إِلَى أول الجدي الَّذِي فِيهِ أول ارْتِفَاع الشَّمْس وأشرافها على شرفها وَفِيه تزداد الْأَيَّام طولا والدلو والحوت اللَّذَان تزداد الشَّمْس فيهمَا صعُودًا حَتَّى تصل لِشَرَفِهِمَا فَيدل على ظُهُور الْخَيْر وَضعف الشَّرّ وثبات الدّين وَالْعقل وَالْعَمَل بِالْحَقِّ وَالْعدْل وَمَعْرِفَة فضل الْعلم وَالْأَدب فِي تِلْكَ الثَّلَاثَة آلَاف سنة وَمَا يكون فِي ذَلِك فعلى قدر صَاحب الْألف وَالْمِائَة وَالْعشرَة وعَلى حسب اتِّفَاق الْكَوَاكِب فِي أول سرطان صَاحب الْألف فَلَا يزَال ذَلِك فِي زِيَادَة حَتَّى يعود أَمر الدُّنْيَا فِي آخرهَا إِلَى مثل مَا كَانَ عَلَيْهِ ابْتِدَاؤُهَا وَهِي فِي ألف الْحمل
وَكلما تقَارب آخر كل ألف من هَذِه الألوف اشْتَدَّ الزَّمَان وَكَثُرت البلايا لِأَن أَوَاخِر البرج فِي حُدُود النحوس وَكَذَلِكَ فِي آخر المئين والعشرات فعلى هَذَا الإنقضاء للدنيا إِذا كَانَ الزَّمَان يعود إِلَى الْحمل كَمَا بَدَأَ أول مرّة وَزَعَمُوا أَن ابْتِدَاء الْخلق بالتحرك كَانَ وَالشَّمْس فِي ابْتِدَاء الْمصير فدار الْفلك وَجَرت الْمِيَاه وهبت الرِّيَاح واتقدت النيرَان وتحرك سَائِر الْخَلَائق بِمَا هم عَلَيْهِ من خير وَشر والطالع تِلْكَ السَّاعَة تسع عشرَة دَرَجَة من برج السرطان وَفِيه المُشْتَرِي
وَفِي الْبَيْت الرَّابِع هُوَ بَيت الْعَافِيَة وَهُوَ برج الْمِيزَان زحل وَكَانَ الذَّنب فِي الْقوس والمريخ فِي الجدي والزهرة وَعُطَارِد فِي الْحُوت ووسط السَّمَاء برج الْحمل وَفِي أول دقيقة مِنْهُ الشَّمْس
وَكَانَ الْقَمَر فِي الثور وَفِي بَيت السَّعَادَة وَكَانَ الرَّأْس فِي برج الجوزاء وَبَيت الشَّقَاء وَفِي تِلْكَ الدقيقة من السَّاعَة كَانَ اسْتِقْبَال أَمر الدُّنْيَا فَكَانَ خَيرهَا وشرها وانحطاطها وارتفاعها وَسَائِر مَا فِيهَا على قدر مجاري البروج والنجوم وَولَايَة أَصْحَاب الألوف وَغير ذَلِك من أحوالها
1 / 49