حدثان دولة التيمورية الَّتِي كَانَت بِالْهِنْدِ وَالظَّاهِر أَنَّهَا مصنوعة وَلم يَصح شَيْء مِمَّا ذكر فِيهَا إِلَّا بِتَأْوِيل بعيد وتكلف طَوِيل لَا يلْتَفت إِلَى مثلهَا
وَحكى المؤرخون لأخبار بَغْدَاد أَنه كَانَ بهَا أَيَّام المقتدر وراق ذكي يعرف بالدانيالي يبل الأوراق وَيكْتب فِيهَا بِخَط عَتيق يرمز فِيهِ بحروف من أَسمَاء أهل الدولة وَيُشِير بهَا إِلَى مَا يعرف ميلهم إِلَيْهِ من أَحْوَال الرّفْعَة والجاه كَأَنَّهَا ملاحم وَيحصل على مَا يُرِيد مِنْهُم من الدُّنْيَا وَذكر فِيهَا كوائن أُخْرَى وملاحم مِمَّا وَقع وَمِمَّا لم يَقع وَنسب جَمِيعه إِلَى دانيال
قَالَ ابْن خلدون وَلَقَد سَأَلت أكمل الدّين ابْن شيخ الْحَنَفِيَّة من الْعَجم بالديار المصرية عَن هَذِه الملحمة وَعَن هَذَا الرجل الَّذِي تنْسب إِلَيْهِ من الصُّوفِيَّة وَهُوَ الباجريقي وَكَانَ عَارِفًا بطرائقهم فَقَالَ كَانَ من القلندرية المبتدعة فِي حلق اللِّحْيَة وَكَانَ يتحدث عَمَّا يكون بطرِيق الْكَشْف ويومئ إِلَى رجال مُعينين عِنْده ويلغز عَلَيْهِم بحروف بِعَينهَا فِي ضمنهَا لمن يرَاهُ مِنْهُم وَرُبمَا يظْهر نظم ذَلِك فِي أَبْيَات قَليلَة كَانَ يتعاهدها فتنوقلت عَنهُ وولع النَّاس بهَا وجعلوها ملحمة مرموزة وَزَاد فِيهَا الخراصون من ذَلِك الْجِنْس فِي كل عصر وشغل الْعَامَّة بفك رموزها وَهُوَ أَمر مُمْتَنع إِذْ الرَّمْز إِنَّمَا يهدي إِلَى كشفه قانون يعرف قبله وَيُوضَع لَهُ وَأما مثل هَذِه الْحُرُوف فدلالتها على المُرَاد مِنْهَا مَخْصُوصَة بِهَذَا النّظم لَا يتجاوزه فَرَأَيْت من كَلَام هَذَا الرجل الْفَاضِل شِفَاء لما كَانَ فِي النَّفس من أَمر هَذِه الملحمة وَمَا كُنَّا لنهتدي لَوْلَا أَن هدَانَا الله وَالله ﷾ أعلم وَبِه التَّوْفِيق وَهُوَ الْمُسْتَعَان
1 / 40