ثم التفت إلى أخويه قائلا: مبسوطين يا ولاد طلبة؟! أهو بيتي اتخرب يا محمد، يرضيكوا كدة يا ولاد طلبة، يا ولاد الحرام.
وقال الأوسط: جزاك ما صح لك.
وقلت في سري: وكل هذا من أجل قراريط ثلاثة؟!
وفوجئت بالحجرة تتحول إلى مناحة، بدري يشهق بصوت عال، والأخ الأوسط بدأ يضم الأصغر، حتى بعد أن انتصر، ويبكيان، ولا ريب أن أباهم طلبة كان هو الآخر في قبره يبكي ويتلوى.
وجاءني من السماعة صوت أخنف مزعج يقول: أيوة هنا القسم .. انت مين؟
وأجبت: احنا مكتب الصحة .. خد الإشارة دي!
وعلا بكاء بدري إلى درجة غير معقولة، بينما كف الأصغر عن البكاء وراح يتطلع إلي، ثم إلى أخيه .. ثم وجدته يترك ذراع الأوسط الذي يضمه ويتقدم إلى المكتب ويرجوني، بكل ما في طاقته من ذلة، أن أوافق وأحيله إلى المستشفى، إن كان في هذا إنقاذ لأخيه!
وسكتت الحجرة كلها .. ووقف بدري جامدا في مكانه كالمصعوق.
ثم وجدته يندفع إلى محمد يحاول عناقه، ولكن محمد دفعه عنه قائلا: دا مش عشان خاطرك .. دا عشان خاطر أولادك! - يا حبيبي يا محمد .. أنا عارف برضه إني ما اهونش عليك.
وفوجئت بالأوسط هو الآخر يتقدم ويرجوني، إن لم يكن جاء محمد صالحا للتنفيذ، أن استبدل الاسم الأول في الخطاب. الاستمارة. وأن أضع اسمه بدلا منه، وانهياره الأعصابي، والعلاج الذي أخذه يؤهلانه لدخول المستشفى، وإثبات أن بدري على حق وأنه لم يزور ولم يكذب.
نامعلوم صفحہ