لباب التأويل في معاني التنزيل
لباب التأويل في معاني التنزيل
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٥ هـ
پبلشر کا مقام
بيروت
رجل من الأنصار معه وقيل كانت الحمس لا يبالون بذلك، ثم إن رسول الله ﷺ دخل ذات يوم بيتا فدخل على أثره رجل من الأنصار يقال له رفاعة بن التابوت من الباب وهو محرم فأنكروا عليه فقال له رسول الله ﷺ لم دخلت من الباب وأنت محرم فقال: رأيتك دخلت فدخلت على أثرك فقال رسول الله ﷺ إني أحمسي فقال الرجل إن كنت أحمسيا فأنا أحمسي رضيت بهديك وسمتك ودينك فأنزل الله تعالى هذه الآية. وقال الزهري كان ناس من الأنصار إذا أهلوا بالعمرة لم يجعلوا بينهم وبين السماء شيئا، وكان الرجل يخرج مهلا بالعمرة فتبدو له الحاجة بعد ما خرج من بيته فيرجع ولا يدخل من باب الحجرة من أجل سقف البيت أن يحول بينه وبين السماء فيفتح الجدار من ورائه ثم يقوم في حجرته فيأمر بحاجته ثم بلغنا أن رسول الله ﷺ أهلّ زمن الحديبية بالعمرة فدخل حجرة فدخل رجل من الأنصار من بني سلمة على أثره فقال النبي ﷺ لم فعلت ذلك؟ قال: لأني رأيتك دخلت فقال ﵊: إني أحمسي فقال الأنصاري وأنا أحمسي يقول أنا على دينك فأنزل الله تعالى وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها يعني في حال الإحرام وغيره وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
[سورة البقرة (٢): آية ١٩٠]
وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠)
قوله ﷿: وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أي في طاعة الله وطلب رضوانه (ق) عن أبي موسى الأشعري قال سئل رسول الله ﷺ عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله ﷺ من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ كان في ابتداء الإسلام أمر الله رسوله ﷺ بالكف عن قتال المشركين ثم لما هاجر إلى المدينة أمر بقتال من قاتله منهم بهذه الآية. قال الربيع بن أنس: هذه أول آية نزلت في القتال ثم أمر الله بقتال المشركين كافة قاتلوا أو لم يقاتلوا بقوله تعالى: وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً.
وبقوله: اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ فصارت آية السيف ناسخة لهذه الآية وقيل إنها محكمة ومعناها على هذا القول وقاتلوا في سبيل الله الذين أعدوا أنفسهم للقتال، فأما من لم يعدّ نفسه للقتال كالرهبان والشيوخ والزمنى والمكافيف والمجانين فلا تقاتلوهم لأنهم لم يقاتلوكم، وهو قوله تعالى: وَلا تَعْتَدُوا وقال ابن عباس ولا تقتلوا النساء والصبيان والشيوخ والرهبان ولا من ألقى إليكم السلام (م) عن بريدة قال: كان رسول الله ﷺ إذا أمّر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: اغزوا بسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تعتدوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا. قوله: لا تَغْلُوا الغلول الخيانة وهو ما يخفيه أحد الغزاة من الغنيمة وقوله: وَلا تَعْتَدُوا أي ولا تنقضوا العهد وقيل في معنى الآية: لا تعتدوا أي لا تبدؤوهم بالقتال فعلى هذا القول تكون الآية منسوخة بآية القتال قال ابن عباس: لما صد المشركون رسول الله ﷺ عام الحديبية وصالحوه على أن يرجع من قابل فيخلوا له مكة ثلاثة أيام يطوف بالبيت، فلما تجهز رسول الله ﷺ وأصحابه لعمرة القضاء خافوا أن لا تفي قريش بما قالوا ويصدّوهم عن البيت وكره المسلمون قتالهم في الشهر الحرام وفي الحرم، فأنزل الله: وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ فأطلق لهم قتال الذين يقاتلونهم في الشهر الحرام وفي الحرم ورفع عنهم الحرج والجناح في ذلك وقال ولا تعتدوا بابتداء القتال إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ قوله ﷿:
[سورة البقرة (٢): الآيات ١٩١ الى ١٩٣]
وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (١٩١) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٢) وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٩٣)
1 / 121